للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بنى إسرائيلَ، فلما انْتَصَف النهارُ دخَل ليَقِيلَ، فأتاه الشيطانُ في صورةِ رجلٍ مِن بنى آدمَ، فجذَب ثوبَه، فقال: أتَنامُ والخصومُ ببابِك؟! قال: إذا كان العشيةُ فأْتِني. قال: فانْتَظَره بالعشيِّ فلم يَأْتِه، فلما انْتَصَف النهارُ ودخَل ليَقِيلَ، جذَب ثوبَه، وقال: أتَنامُ والخصومُ ببابِك؟! قال: قلتُ لك: ائْتِنى العشيَّ، فلم تأْتِني، ائْتِنِي العشيةَ. فلما كان بالعشيِّ انْتَظَره فلم يَأْتِ، فلمَّا دخل ليَقِيلَ جذَب ثوبَه، وقال: أتَنامُ والخصومُ ببابِك؟! قال: أخْبِرْنى مَن أنت؟! لو كنتَ مِن الإنسِ سمِعْتَ ما قلتُ! قال: هو الشيطانُ، جئتُ لأَفْتِنَك، فعصَمَك اللهُ منى. فقضَى بينَ بني إسرائيلَ بما أنْزَل اللهُ زمانًا طويلًا، وهو ذو الكِفْلِ، سُمِّيَ ذا الكفلِ؛ لأنه تكفَّل بالمُلْكِ (١).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، عن أبي موسى الأشعريِّ أنه قال وهو يَخْطُبُ الناسَ: إن ذا الكِفْلِ لم يَكُنْ نبيًّا، ولكن كان عبدًا صالحًا، تكَفَّل بعملِ رجلٍ صالحٍ عندَ موتِه، كان يُصَلِّي اللهِ كلَّ يومٍ مائةَ صلاةٍ، فأَحْسَن اللهُ عليه الثناءَ في كَفالتِه إياه.

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا الحكمُ، قال: ثنا عمرٌو، قال: أمَّا ذو الكِفْلِ، فإنه كان على بنى إسرائيلَ ملِكٌ، فلما حضَره الموتُ قال: مَن يَكْفُلُ لى أن يَكْفِيَنِى بنى إسرائيلَ، ولا يَغْضَبَ، ويُصَلِّي كلَّ يومٍ مائةَ صلاةٍ؟ فقال ذو الكِفْلِ: أنا. فجعَل ذو الكِفْلِ يَقْضِى بينَ الناسِ، فإذا فرَغ صلَّى مائةَ صلاةٍ، فكاده الشيطانُ، فأمْهَله حتى إذا قضَى بينَ الناسِ، وفرَغ مِن صلاتِه، وأخَذ مضجعَه فنام، أتَى الشيطانُ بابه فجعَل يَدُقُّه، فخرَج إليه، فقال: ظُلِمْتُ وصُنِع بي وصُنِع. فأعْطاه خاتَمَه، وقال: اذْهَبْ


(١) ينظر تفسير ابن كثير ٤/ ٣٥٩.