للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

راجعٌ؛ حَرامٌ عليهم ذاك (١).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا عيسى بنُ فَرْقَدٍ، قال: ثنا جابرٌ الجُعْفيُّ، قال: سألتُ أبا جعفرٍ عن الرَّجْعَةِ، فقرَأ هذه الآيةَ: ﴿وَحَرَامٌ (٢) عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ (٣).

فكأن أبا جعفرٍ وجَّه تأويلَ ذلك إلى أنه: وحَرامٌ على أهلِ قريةٍ أَمَتْناهم أن يَرْجِعوا إلى الدنيا.

والقولُ الذي قاله عكرمةُ في ذلك أَوْلَى عندى بالصوابِ؛ وذلك أن اللَّهَ تعالى ذكرُه أَخْبَر عن تفريقِ الناسِ دينَهم الذي بَعَثَ به إليهم الرُّسُلَ، ثم أَخْبَر عن صَنِيعِه بمَن عمِل بما دَعَتْه إليه رسلُه من الإيمانِ به والعملِ بطاعتِه، ثم أتْبَعَ ذلك قولَه: ﴿وَحَرَامٌ (٤) عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾. فلأَن يكونَ ذلك خبرًا عن صنيعِه بمَن أبَى إجابةً رسلِه وعمِل بمعصيتِه وكفَر به، أُحْرَى لِيَكُونَ بَيانًا عن حالِ الفِرْقةِ (٥) الأُخْرَى التي لم تَعْمَلِ الصالحاتِ وكفَرَتْ به.

فإذ (٦) كان ذلك كذلك، فتأويلُ الكلامِ: حرامٌ على أهلِ قريةٍ أَهْلَكْناهم (٧) بطَبْعِنا على قُلوبِهم، وخَتْمِنا على أسماعِهم وأبصارِهم - إذ صَدُّوا عن سبيلِنا،


(١) في م: "ذلك". والأثر عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٣٥ إلى عبد بن حميد.
(٢) في ت ١، ت ٢: "حرم".
(٣) ذكره ابن كثير في تفسيره ٥/ ٣٦٦.
(٤) في ص: "حرم".
(٥) في م: "القرية".
(٦) في م، ف: "فإذا".
(٧) في ت ١، ت ٢، ف: "أهلكناها".