للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا محمدُ بنُ المثنَّى، قال: ثنا يزيدُ بن هارونَ، قال: أخبَرنا داودُ بنُ أبي هندٍ، عن محمدِ بنِ أبي موسى، قال: الوقوفُ بعرفةَ من شعائرِ اللهِ، وبجَمْعٍ (١) من شعائرِ اللهِ، ورميُ الجمارِ من شعائرِ اللهِ، [والبُدنُ من شعائرِ اللهِ، ومن يعظِّمْها فإنها من شعائرِ الله. فى قولِه: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ﴾] (٢). فمن يعظِّمْها فإنها من تقوَى القلوبِ (٣).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ﴾. قال: الشعائرُ: الجمارُ، والصفا والمروةُ من شعائرِ اللهِ، والمَشعَرُ الحرامُ والمزدَلِفةُ. قال: والشعائرُ تدخُلُ في الحرمِ، هي شعائرُ، وهي حرمٌ.

وأولى الأقوالِ في ذلك بالصوابِ أن يقالَ: إن اللهَ تعالى ذكرُه أخبَر أنَّ تعظيمَ شعائرِه، وهى ما جعَله (٤) أعلامًا لخلقِه فيما تعبَّدهم به من مناسكِ حجِّهم من الأماكنِ التى أمرَهم بأداءِ ما افترَض عليهم منها عندَها، والأعمالِ التي ألزَمهم عملَها في حجِّهم - من تَقوى قلوبِهم، لم يخصُصْ من ذلك شيئًا، فتعظيمُ كلِّ ذلك من تقوى القلوبِ كما قال جلَّ ثناؤه، وحقٌّ على عبادِه المؤمنين به تعظيمُ جميعِ ذلك.

وقال: ﴿فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾، وأنَّث ولم يقُلْ: فإنه. لأنه أُريد بذلك: فإنَّ تلك التعظيمةَ مع اجتنابِ الرجسِ من الأوثانِ من تَقوى القلوب. كما قال جلَّ ثناؤه: ﴿إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الأعراف: ١٥٣].

وعنَى بقولِه: ﴿فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾: فإنها من وجَلِ القلوبِ من


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "الجمع". وجمع: هو مزدلفة. معجم البلدان ٢/ ١١٨.
(٢) سقط من: ت ٢.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة ص ٢٩٤، ٢٩٥ (القسم الأول من الجزء الرابع) من طريق داود به، وعزاه السيوطى في الدر المنثور ٤/ ٣٥٩ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٤) بعده في ت ١: "الله".