للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واختلفت القرأةُ فى قراءة ذلك؛ فقرأته عامةُ قرأة المدينة: ﴿أُذِنَ﴾. بضَمِّ الألف، ﴿يُقَاتَلُونَ﴾ بفتح التاءِ (١)، بتَرك تَسمية الفاعلِ، في ﴿أُذِنَ﴾، و ﴿يُقَاتَلُونَ﴾ جميعًا (٢).

وقرأ ذلك بعضُ الكوفيين وعامةُ قرأة البصرةِ: ﴿أُذِنَ﴾ بتَرك تَسمية الفاعلِ، و: (يُقَاتِلُونَ) بكسر التاءِ (٣)، بمعنى: يُقاتِلُ المأذونُ لهم في القتالِ المشركين.

وقَرأ ذلك عامةُ قرأة الكوفيِّين وبعضُ المكيِّين: (أَذِنَ) بفتح الألف، بمعنى: أذن الله. و: (يُقاتِلُونَ) بكسر التاءِ (٤)، بمعنى: إن الذين أذن اللهُ لهم بالقتالِ، يُقاتِلون المشركين.

وهذه القراءاتُ الثلاثُ مُتقارباتُ المعانى؛ لأن الذين قرءوا ﴿أُذِنَ﴾ على وجهِ ما لم يُسمَّ فاعلُه، يرجعُ معناه في التأويل إلى معنى قراءةِ مَن قرأه على وَجهِ ما سُمِّى (٥) فاعلُه، وأن مَن قرَأ (يُقاتِلُونَ)، و ﴿يُقَاتَلُونَ﴾ بالكسر أو الفتح، فقريبٌ معنى أحدِهما من معنى الآخر، وذلك أن من قاتَل إنسانًا، فالذى قاتله له مُقاتِلٌ، وكلُّ واحدٍ منهما مُقاتِلٌ مقاتلٌ (٦).

فإذ كان ذلك كذلك، فبأيَّةِ هذه القراءاتِ قرأ القارئُ فمصيبٌ الصواب، غير أن أحبَّ ذلك إلىَّ أن أقرأ به: (أَذِنَ) بفتح الألف، بمعنى: أَذِنَ اللهُ -لقُربِ ذلك من قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ﴾ - أَذِنَ اللهُ في الذين لا يُحبُّهم


(١) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ف.
(٢) وهى قراءة نافع، وعاصم. السبعة لابن مجاهد ص ٤٣٧.
(٣) هي قراءة أبي عمرو، وعاصم في رواية أبي بكر. ينظر المصدر السابق.
(٤) وهى قراءة ابن كثير وحمزة والكسائي. المصدر السابق.
(٥) في ت ٢: "يسمى".
(٦) سقط من م، ت ١، ف.