للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ ﷺ: ﴿قُلْ﴾ يا محمدُ لمُشركي قومك الذين يُجادِلُونكَ في الله بغير علمٍ، اتِّباعًا منهم لكلِّ شيطانٍ مَريدٍ: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ أُنذِرُكم عقابَ اللهِ أن ينزِلَ بكم في الدُّنيا، وعذابَه في الآخرة أن تُصلَوْه، ﴿مُبِينٌ﴾. يقولُ: أُبيِّنُ لكم إنذَارى ذلك وأُظهرُه، لِتُنِيبُوا مِن شِرككم، وتَحذَروا ما أنذرُكم من ذلك، لا أملِكُ لكم غير ذلك، فأما تعجيلُ العقابِ وتأخيرُه الذي تَستَعجِلُونني به، فإلى الله، ليس ذلك إلىَّ، ولا أقدرُ عليه. ثم وصَف نِذَارتَه وبشَارتَه، ولم يَجر للبشارة ذكْرٌ، ولما ذُكِرتِ النِّذارةُ على عملٍ عُلم أنَّ البشارة على خلافه (١)، فقال: والذين آمنوا بالله ورسوله، وعملوا الصالحاتِ مِنكم أيُّها الناسُ ومِن غيركم، ﴿لَهُمْ مَغْفِرَةٌ﴾. يقولُ: لهم من الله سَترُ ذنوبهم التي سلَفت منهم في الدُّنيا عليهم في الآخرة، ﴿وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾. يقولُ: ورزقٌ حسنٌ في الجنَّةِ.

كما حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، قال: قال ابنُ جريجٍ قوله: ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾. قال: الجنَّةُ.

وقولُه: ﴿وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ﴾. يقولُ: والذين عملوا في حُجَجنا فصَدُّوا عن اتِّباع رسولنا، والإقرار بكتابنا الذي أنزلناه.

وقال: ﴿فِي آيَاتِنَا﴾. فأدخلت فيه "في"، كما يُقالُ: سعَى فلانٌ في أمرٍ فلانٍ.

واختلَف أهلُ التأويل في تأويل قوله: ﴿مُعَاجِزِينَ﴾، فقال بعضُهم: معناه: مُشاقِّين.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا أحمدُ بنُ يوسفَ، قال: ثنا القاسمُ، قال: ثنا حجاجٌ، عن عثمانَ بنِ


(١) في ت ٢: "بخلاف ذلك".