للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليهم: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى﴾. فلما بلغ: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى﴾. قال: "إن شَفاعتهن تُرتجى". وسَها رسول الله ، فلقِيه المشركون الذين في قلوبهم مرضٌ، فسلَّموا عليه، وفَرِحوا بذلك، فقال لهم: "إنَّما ذلك من الشيطانِ". فأنزَل اللهُ عليه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ﴾ حتى بلغ: ﴿فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ﴾ (١).

فتأويلُ الكلامِ: ولم نُرْسِلْ يا محمد من قبلك من رسول إلى أمةٍ من الأممِ، ولا نبىٍّ مُحدَّثٍ ليس بمُرسلٍ، إلا إذا تمنَّى.

واختلف أهل التأويل فى معنى قوله: ﴿تَمَنَّى﴾ فى هذا الموضِعِ، وقد ذَكرتُ قولَ جماعةٍ ممَّن قال: ذلك التَّمَنِّى من النبىِّ ما حَدَّثَته نفسُه من محبتِه مقاربةَ قومِه [في ذكر] (٢) آلهتهم ببعضِ ما يُحِبُّون، ومَن قال: ذلك محبةٌ منه في بعضِ الأحوال ألَّا تُذكَّرَ بسوءٍ.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: إذا قرأ وتلا أو حدَّث.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثني علىٌّ، قال: ثنا عبدُ اللهِ، قال: ثنى معاويةُ، عن علىٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ﴾. يقولُ: إذا حدَّث أَلقَى الشيطانُ في


(١) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٤/ ٣٦٧ إلى المصنف وعبد بن حميد. وقال ابن كثير في تفسيره ٥/ ٤٣٨: قد ذكر كثير من المفسرين ههنا قصة الغرانيق … ولكنها من طرق كلها مرسلة، ولم أرها من وجه صحيح. وقال الشوكاني في فتح القدير ٣/ ٤٦٢: ولم يصح شيء من هذا، ولا ثبت بوجه من الوجوه، ومع عدم صحته بل بطلانه، فقد دفعه المحققون بكتاب الله سبحانه، قال الله: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾ [الحاقة: ٤٤ - ٤٦]. وينظر في إبطال هذه القصة: الشفا للقاضي عياض ٢/ ٧٤١، وأضواء البيان ٥/ ٧٢٨ وما بعدها.
(٢) في ت ٢: "فذكر".