للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعني تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿ذَلِكَ﴾: هذا الفعلُ الذي فعلتُ، من إيلاجي الليلَ فى النهارِ، وإيلاجى النهارِ فى الليلِ؛ بأنى (١) أنا الحقُّ الذى لا مِثلَ لى، ولا شريكَ ولا ندَّ، وأن الذى يدعوه هؤلاء المشركون إلهًا من دونه، هو الباطلُ الذى لا يقدرُ على صنعةِ شيءٍ، بل هو المصنوعُ. يقولُ لهم تعالى ذكرُه: أفتَترُكون أيها الجُهَّالُ عبادةَ مَن منه النفعُ وبيدِه الضرُّ، وهو القادرُ على كلِّ شيءٍ (٢)، وكلُّ شيءٍ دونَه، وتعبُدون الباطلَ الذى لا تنفعُكم عبادتُه!

وقولُه: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾. يعنى بقولِه: ﴿الْعَلِيُّ﴾ أنَّه (٣) ذو العلوِّ على كلِّ شيءٍ، هو فوقَ كلِّ شيءٍ، وكلُّ شيءٍ دونَه، ﴿الْكَبِيرُ﴾. يعنى: العظيمُ، الذى كلُّ شيءٍ دونَه، ولا شيء أعظمُ منه.

وكان ابنُ جريجٍ يقولُ في قولِه: ﴿وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ﴾. ما حدَّثنا به القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، قال: قال ابنُ جُريجٍ في قولِه: ﴿وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ﴾. قال: الشيطانُ.

واختلَفت القرأةُ فى قراءةِ قولِه: ﴿وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ﴾؛ فقرأته عامةُ قرأةِ المدينةِ (٤) والحجازِ: (تَدْعُونَ). بالتاءِ على وجهِ الخطابِ (٥). وقرأته عامةُ قرأةِ العراقِ غيرَ عاصمٍ بالياءِ على وجهِ الخبرِ (٦). والياءُ أعجبُ القراءتين إلىَّ؛ لأن


(١) في ص، م: "لأنى".
(٢) بعده فى ت ٢: "بل هو المصنوع يقول لهم تعالى ذكره".
(٣) سقط من: م.
(٤) في م: "العراق".
(٥) وهى قراءة ابن كثير ونافع وابن عامر، وعاصم في رواية أبي بكر. السبعة لابن مجاهد ص ٤٤٠.
(٦) وهى قراءة أبي عمرو وحمزة والكسائي، وقرأ بها حفص عن عاصم. السبعة لابن مجاهد ص ٤٤٠.