للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما حدَّثنا ابنُ حُمَيْدٍ، قال: حدَّثنا سلَمةُ، قال: حدَّثنى ابنُ إسحاقَ، عن عاصمِ بنِ عمرَ بنِ قتادةَ الأنصاريِّ، عن أشياخٍ منهم قالوا: فينا واللهِ وفيهم -يعنى: في الأنصارِ وفي اليهودِ الذين كانوا جيرانَهم- نزَلت هذه القصةُ -يعنى: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ﴾ - قالوا: كُنَّا قد علَوْناهم دهرًا في الجاهليةِ، ونحن أهلُ شركٍ، وهم أهلُ كتابٍ، فكانوا يقولون: إن نبيًّا [يُبعَثُ الآنَ نتَّبِعُه] (١) قد أظلَّ (٢) زمانُه، [نَقْتُلكم معه] (٣) قتلَ عادٍ وإرمَ، فلمَّا بعَث اللهُ تعالى ذكرُه رسولَه مِن قريشٍ واتَّبَعْناه، كفَروا به، يقولُ اللهُ: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ﴾ (٤).

وحدَّثنا ابنُ حُميدٍ، قال: حدَّثنا سلَمةُ، قال: حدَّثنى ابنُ إسحاقَ، قال: حدَّثنى محمدُ بنُ أبى محمدٍ مولى آلِ زيدِ بنِ ثابتٍ، عن عكرمةَ مولى ابنِ عباسٍ، أو سعيدِ بنِ جُبيرٍ، عن ابنِ عباسٍ، أن يهودَ كانوا يَسْتَفْتِحون على الأوسِ والخزرج برسولِ الله قبلَ مَبْعَثِه، فلمَّا بعَثه اللهُ من العربِ، كفَروا به، وجحَدوا ما كانوا يقولون فيه، فقال لهم معاذُ بنُ جَبَلٍ، وبشرُ بنُ البَرَاءِ بنِ مَعْرُورٍ أخو بنى سلِمةَ: يا معشرَ يهودَ، اتَّقوا اللهَ وأَسْلِموا، فقد كنتم تَسْتَفْتِحون علينا بمحمدٍ ونحنُ أهلُ شركٍ، وتُخْبِروننا أنه مبعوثٌ، وتَصِفونه لنا بصفتِه. فقال سلَّامُ بنُ مِشْكَمٍ أخو


(١) في م: "الآن مبعثه".
(٢) في الأصل: "أطل".
(٣) في م: "يقتلكم".
(٤) أخرجه ابن إسحاق في سيرته ص ٦٣ (٦٢)، ومن طريقه البيهقى في الدلائل ٢/ ٧٥، ٤٣٣، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٨٧ إلى ابن المنذر. وينظر سيرة ابن هشام ١/ ٥٤١.