للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَرَكْتُ﴾ " (١) الآية.

حُدِّثتُ عن الحسينِ، قال: سمِعتُ أبا معاذٍ يقولُ: أخبَرنا عبيدٌ، قال: سمِعتُ الضَّحاكَ يقولُ في قولِه: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ﴾. يعنى أهلَ الشركِ (٢).

وقيل: ﴿رَبِّ ارْجِعُونِ﴾. فابتدَأ الكلامَ بخطابِ اللهِ تعالى ذِكرُه، ثم قيل: ﴿ارْجِعُونِ﴾. فصار إلى خطابِ الجماعةِ، واللهُ تعالى ذِكرُه واحدٌ. وإنما فعَل ذلك كذلك لأنَّ مسألةَ القومِ الردَّ إلى الدنيا، إنما كانت منهم للملائكةِ الذين يَقبضون رُوحَهم (٣)، كما ذكَر ابن جُرَيجٍ أنَّ النبيَّ قاله. وإنما ابتُدِئ الكلامُ بخطابِ اللهِ جلَّ ثناؤه لأنهم استغاثوا به، ثم رجَعوا إلى مسألةِ الملائكةِ الرجوعَ، والردَّ إلى الدنيا.

وكان بعضُ نحويِّى الكوفةِ (٤) يقولُ: قيل ذلك كذلك؛ لأنه مما جرَى على وصْفِ اللهِ به نفسَه من قولِه: ﴿خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا﴾ [مريم: ٩] في غيرِ مكانٍ من القرآنِ، فجرَى هذا على ذاك. وقولُه: ﴿كَلَّا﴾. يقولُ تعالى ذِكرُه: ليس الأمرُ على ما قال هذا المشركُ، لن يَرْجِعَ إلى الدنيا، ولن يُعادَ إليها، ﴿إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا﴾. يقولُ: هذه الكلمةُ، وهو قولُه: ﴿رَبِّ ارْجِعُونِ﴾. ﴿كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا﴾. يقولُ: هذا المشركُ هو قائلُها.

كما حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه:


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٤ إلى المصنف وابن المنذر.
(٢) ينظر تفسير القرطبي ١٢/ ١٤٩.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت، ف: "روحه".
(٤) هو الفراء في معاني القرآن ٢/ ٢٤١، ٢٤٢.