للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعنى بقولِه جل ثناؤُه: ﴿فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ﴾: فرجَعت اليهودُ من بنى إسرائيلَ -بعدَ الذى كانوا عليه مِن الاسْتِنصارِ بمحمدٍ والاستفتاحِ به، وبعدَ الذى كانوا يُخْبِرون (١) الناسَ مِن قبلِ مَبْعثِه أنه نبىٌّ مَبْعوثٌ- مُرْتَدين على أعقابِهم حين بعَثه اللهُ نبيًّا مرسلًا، [وانصرَفَت] (٢) بغضبٍ من اللهِ، اسْتَحقوه منه بكفرِهم بمحمدٍ حينَ بعَثه (٣)، وجُحودِهم بنبوَّتِه، وإنكارِهم إياه أن يكونَ هو الذى يَجِدون صفتَه فى كتابِهم، عِنادًا منهم له، وبغيًا وحسدًا له وللعربِ، عَلى غَضَبٍ سالفٍ كان مِن اللهِ عليهم قبلَ ذلك، سابقٍ غضبَه الثانىَ؛ لكفرِهم (٤) كان قبلَ ذلك، بعيسى ابنِ مريمَ، أو لعبادتِهم العجلَ، أو لغيرِ ذلك مِن ذنوبٍ كانت لهم سَلَفت، اسْتحقُّوا (٥) بها الغضبَ مِن اللهِ.

كما حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ بنُ الفضلِ، قال: حدَّثنى ابنُ إسحاقَ، عن محمدِ بنِ أبى محمدٍ -فيما [يرَى أبو جعفرٍ الطبرىُّ] (٦) - عن سعيدِ بنِ جبيرٍ، أو عكرمةَ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ﴾: فالغضبُ على الغضبِ، غضبُه عليهم فيما كانوا ضَيَّعوا مِن التوراةِ وهى معهم، وغضبٌ بكفرِهم بهذا النبىِّ الذى أحْدَث اللهُ إليهم (٧).

وحدَّثنا ابنُ بشارٍ (٨)، قال: ثنا يحيى بنُ سعيدٍ وعبدُ الرحمنِ، قالا: ثنا سفيانُ،


(١) بعده فى م: "به".
(٢) فى م: "فباءوا".
(٣) فى م: "بعث".
(٤) بعده فى م: "الذى".
(٥) فى م: "يستحقون".
(٦) فى م: "أروى"، وفى ت ١، ت ٢، ت ٣: "أرى".
(٧) سيرة ابن هشام ١/ ٥٤٢، وأخرجه ابن أبى حاتم فى تفسيره ١/ ١٧٣ (٩١٥) من طريق سلمة به.
(٨) فى ت ١، ت ٢، ت ٣: "يسار".