للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُقِرِّين به، طائِعين غيرَ مُكْرَهِين. يقالُ منه: قد أذعَن فلانٌ بحقِّه. إذا أَقَرَّ به طائعًا غيرَ مُسْتَكْرَه، وانقادَ له وسَلَّمَ.

وكان مجاهدٌ فيما ذُكر عنه يقولُ في ذلك ما حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جُرَيجٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ﴾. قال: سِراعًا (١).

وقولُه: ﴿أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: أفي قلوبِ هؤلاء الذين يُعْرِضون إذا دُعُوا إلى اللهِ وإلى (٢) رسولِه ليحكمَ بينَهم - شكٌّ في رسولِ اللهِ أنه للَّهِ رسولٌ، فهم يَمْتَنِعُون مِن الإجابةِ إلى حكمِه والرضا به، ﴿أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ﴾ إذا احْتَكَموا إلى حكمِ كتابِ اللهِ، وحكمِ رسولِه. وقال: ﴿أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ﴾. والمعنى: أن يَحِيفَ رسولُ اللَّهِ عليهم. فبدَأ باللَّهِ تعالى ذكرُه؛ تَعْظيمًا للهِ، كما يقالُ: ما شاءَ اللهُ ثم شئتَ. بمعنى: ما شئتَ. ومما يدلُّ على أن معنى ذلك كذلك قولُه: ﴿وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ﴾. فأفرَد الرسولَ بالحكمِ، ولم يَقُلْ: ليَحْكُما.

وقولُه: ﴿بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾. يقولُ: ما حافَ (٣) هؤلاء المُعْرِضون عن حكمِ اللهِ وحكمِ رسولِه، إذ أعْرَضوا عن الإجابةِ إلى ذلك، مما دُعُوا إليه، أن يَحِيفَ عليهم رسولُ اللهِ، فيجورَ في حكمِه عليهم، ولكنهم قومٌ أهلُ ظلمٍ لأنفسِهم، بخلافِهم أمرَ ربِّهم، ومعصيتِهم الله فيما أمَرهم مِن الرضا بحكمِ رسولِ اللهِ ، فيما أحَبُّوا وكَرِهوا، والتسليمِ له.


(١) ذكره القرطبي في تفسيره ١٢/ ٢٩٣.
(٢) سقط من: م.
(٣) في م: "خاف".