للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يهوديٌّ إلا مات (١).

قال أبو جعفرٍ: فانْكَشف -لمَن كان مُشْكِلًا عليه أمرُ اليهودِ يومَئذٍ- كَذِبُهم وبُهْتُهم وبَغْيُهم على رسولِ اللهِ وأصحابه، وظهَرت حُجَّةُ رسولِ اللهِ وحُجةُ أصحابِه عليهم، ولم تَزَلْ -والحمدُ للهِ- ظاهرةً عليهم وعلى غيرِهم مِن سائرِ أهلِ المللِ، وإنما أُمِرَ رسولُ اللهِ أن يقولَ لهم: ﴿فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ لأنهم -فيما ذكر لنا- قالوا: ﴿نَحْنُ أَبْنَاءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾ [المائدة: ١٨] وقالوا: ﴿لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى﴾ [البقرة: ١١١]. فقال اللهُ لنبيِّه محمدٍ : قل لهم إن كنتم صادقين فيما تَزْعُمون فتَمنَّوُا الموتَ. فأبان اللهُ كَذِبَهم بامْتِناعِهم مِن تَمنِّى ذلك، وأفلَجَ حُجَّةَ رسولِ اللهِ .

وقد اخْتَلف أهلُ التأويلِ في السببِ الذي مِن أجلِه أمَر اللهُ نبيَّه أن يَدْعوَ اليهودَ إلى أن يَتمنَّوُا الموتَ، وعلى أىِّ وجهٍ أُمِروا أن يَتمنَّوه؛ فقال بعضُهم: أُمِروا أن يَتمنَّوه على وجهِ الدعاءِ على الفريقِ الكاذبِ منهما.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: حدَّثنا سلمةُ، قال: حدَّثنى ابنُ إسحاقَ، قال: حدَّثنى محمدُ بنُ أبي محمدٍ، عن سعيدٍ، أو عكرمةَ، عن ابنِ عباسٍ، قال: قال اللهُ لنبيِّه : ﴿قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ أي: ادْعُوا بالموتِ على أىِّ الفريقين أكْذَبُ (٢).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ١٧٧ (٩٤٠) من طريق سلمة به.
(٢) سيأتي بتمامه في ص ٢٧٢، ٢٧٣.