للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾ [الأحزاب: ٥٩]. وكان بالمدينةِ رجالٌ مِن المنافِقين إذا مَرَّتْ بهم امرأةٌ سيئةُ (١) الهيئةِ والزَّيِّ، حَسِبَ المنافقون أنها مريبةٌ (٢)، وأنها مِن بُغْيِتهم، فكانوا يُؤْذُون المؤمناتِ بالرَّفَثِ، ولا يَعْلَمون الحُرَّةَ مِن الأَمَةِ، فأنزَل اللهُ في ذلك: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾. يقولُ: إِذا كان زِيُّهِنَّ حَسَنًا لم يَطْمَعْ فيهن المُنافقون.

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ في قولِه: ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ﴾: التي (٣) قَعَدَت مِن الولدِ وكَبِرَت. قال ابن جُرَيجٍ: قال مجاهدٌ: ﴿اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا﴾. قال: لا يُرِدْنَه، ﴿فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ﴾. قال: جَلابِيبَهنَّ (٤).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبرَنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ﴾. قال: وَضْعُ الخِمارِ. قال: للتى لا تَرْجُو نِكاحًا، التي قد بَلَغَت ألا يكون لها في الرجالِ حاجةٌ، ولا للرجالِ فيها حاجةٌ، فإذا بَلَغْنَ ذلك وَضَعْن الخِمارَ، غيرَ مُتَبَرِّجاتٍ بزينةٍ، ثم قال: ﴿وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ


(١) في ت ٢: "سنية".
(٢) في م: "مزنية"، وفى ت ١، ت ٢، ت ٣: "مزينة".
(٣) في ت ١، ت ٢، ت ٣: "اللاتي قد".
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم ٨/ ٢٦٤٠ من طريق حجاج به مقتصرًا على قوله: لا يردنه. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٥٧ إلى ابن المنذر. وقوله: جلابيبهن. في تفسير مجاهد ص ٤٩٤. وسيأتي في ص ٣٦٤.