للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾: أشعارُهم وكَهانتُهم، وقالها النَّضْرُ بن الحارثُ.

فتأويلُ الكلامِ: وقال هؤلاءِ المشركونَ باللهِ الذين قالوا لهذا القرآنِ: إنْ هذا إلَّا إِفكٌ افترَاه محمدٌ : هذا الذي جاءَنا به محمدٌ أساطيرُ الأوَّلين - يَعنُون: أحادِيثَهم التي كانوا يُسَطِّرونَها في كُتُبِهم - اكْتَتَبَها محمدٌ (١) مِن يَهُودَ. ﴿فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ﴾. يَعنونَ بقوْلِهم (٢): ﴿فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ﴾: فهذه الأساطيرُ تُقرَأُ عليهِ. من (٣) قولِهم: أمليتُ عليك الكتابَ، وأملَلْتُ. ﴿بُكْرَةً﴾: غُدوةً (٤) ﴿وَأَصِيلًا﴾. يقولُ: وتُمْلَى عليه (٥) عشيًّا.

وقولُه: ﴿قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: قل يا محمدُ لهؤلاءِ المكذِّبين بآياتِ اللهِ مِن مُشركِي قومِك: ما الأمرُ كما تقولُون؛ مِن أنَّ هذا القرآنَ أساطيرُ الأوَّلينَ، وأنَّ محمدًا افترَاه، وأعانَه عليهِ قومٌ آخرونَ، بل هو الحقُّ، أنزَله الربُّ الذي يعلَمُ سرَّ مَن في السماواتِ ومَن في الأرضِ، ولا يخفَى عليه شيءٌ، وهو (٤) مُحْصِى ذلك على خَلْقِه، ومُجازِيهم بما عزَمَتْ عليه قلُوبُهم، وأضْمَروه في نفُوسِهم. ﴿إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾. يقولُ: إنَّه لم يزلْ يصفحُ عن خَلْقِه ويَرْحمُهم، فيتفضَّلُ عليهم بعفوِه. يقولُ: فلِأَنَّ ذلك عادتِه (٦) في خَلْقِه، يُمْهِلُكم أيُّها القائلونَ ما قُلتُم من الإفكِ، والفاعلونَ ما فعلتُم مِنَ الكفرِ.


(١) بعده في النسخ: "".
(٢) في م، ف: "بقوله".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، ف: "فمن".
(٤) سقط من: م.
(٥) بعده في م: "غدوة و".
(٦) في ت ١، ت ٢: "عاداته".