للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نلتمسُه، حتى نعلَمَ (١) فضلَك ومنزلتَك من ربِّك، إنْ كنتَ رسولًا كما تزعمُ. فقال رسولُ اللهِ : ما أنا بفاعلٍ. فأنزَل اللهُ في قولِهم: أنْ خُذْ لنفسِك ما سألوه أنْ يأخذَ لها؛ أن يجعلَ له جنانًا وقصورًا وكنوزًا، أو يبعثَ معَه مَلَكًا يصدِّقُه بما يقولُ، ويرُدُّ عنه [مَن خاصَمه] (٢): ﴿وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (٧) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا﴾ (٣).

فتأويلُ الكلامِ: وقال المشركونَ: ﴿مَالِ هَذَا الرَّسُولِ﴾: يَعْنونَ محمدًا ، الذي يزعمُ أنَّ الله بعثَه إلينا يأكُلُ الطعامَ كما نأكلُ، ويمشى في أسواقِنا كما نمشى. ﴿لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ﴾. يقولُ: هلَّا أُنزِل إليه مَلَكٌ إِنْ كان صادقًا، من السماءِ، فيكونَ معه معه مُنذِرًا (٤) للناسِ، مصدِّقًا له على ما يقولُ، أو يُلقَى إليه كنزٌ مِن فضةٍ أو ذهبٍ، فلا يحتاجُ معه إلى التصرُّفِ في طلبِ المعاشِ، ﴿أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ﴾. يقولُ: أو يكونُ له بستانٌ ﴿يَأْكُلُ مِنْهَا﴾.

واختلف القرَأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأَتُه عامَّةُ قرَأةِ المدينةِ والبصرةِ وبعضُ الكوفيينَ: ﴿يَأْكُلُ مِنْهَا﴾ بالياءِ (٥). بمعنى: يأكُلُ منها الرسولُ.


(١) في ص، ت ١: "نعرف"، وفي ت ٢: "تعلم".
(٢) في ت ٢: "ما يخاصمه".
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٦٦٥ من طريق سلمة، عن ابن إسحاق قوله.
(٤) في ت ١، ت ٢: "نذيرا".
(٥) هي قراءة ابن كثير ونافع وعاصم وأبي عمرو وابن عامر. السبعة لابن مجاهد ص ٤٦٢.