للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانا خليلين، فقال أحدُهما لصاحبِه: بلَغنى أنك أتيت محمدًا، فاستمَعت منه، واللهِ لا أرضى عنك حتى تَنْفُل في وجهِه وتكذِّبَه. فلم يُسَلِّطْه اللهُ على ذلك، فقُتِل عقبةُ يومَ بدرٍ صبرًا، وأما أُبيُّ بنُ خلفٍ، فقتَله النبيُّ بيدِه يومَ أُحدٍ في القتالِ، وهما اللذان أنزَل الله فيهما: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ﴾ (١).

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ﴾. إلى قولِه: ﴿فُلَانًا خَلِيلًا﴾. قال: هو أُبيُّ بنُ خلفٍ، كان يَحْضُرُ النبيَّ فزجَره عقبةُ بنُ أبي مُعَيطٍ (٢).

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ﴾. قال: عقبةُ بنُ أَبي مُعَيطٍ، دعا مجلسًا فيهم النبيُّ ، الطعامٍ، فأبى النبيُّ أن يَأْكُلَ، وقال: "لا أكُلُ حَتى تَشْهَدَ أَلا إِلَهَ إِلا اللهُ، وأن محمدًا رسولُ الله". فقال: ما أنت بأكلٍ حتى أشهدَ؟ قال: "نعم". قال: أشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ، وأن محمدًا رسولُ اللهِ. فلقِيَه أُميةُ بنُ خلفٍ فقال: صبوتَ؟ فقال: إن أخاك على ما تَعْلَمُ، ولكنِّى صنَعت طعامًا فأبى أن يأكُلَ حتى أقولَ ذلك، فقلتُه، وليس من نفسى (٣).


(١) تفسير عبد الرزاق ٢/ ٦٨، وهو في مصنفه (٩٧٣١) عن معمر، عن عثمان الجزرى، عن مقسم، قال معمر: وحدثنى الزهرى ببعضه. فذكره مطولا، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٦٨ إلى ابن المنذر.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٦٨٤ عن محمد بن سعد به.
(٣) تفسير مجاهد ص ٥٠٣، ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٦٣٨، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٦٩ إلى الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر.