للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَسْتَتِرون بالثيابِ التي يَلْبَسُونَها.

وقولُه: ﴿وَالنَّوْمَ سُبَاتًا﴾. يقولُ: وجعَل لكم النومَ راحةً تَسْتَرِيحُ به أبدانُكم، وتَهْدَأُ به جوارحُكم.

وقولُه: ﴿وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وجعَل النهارَ يَقَظَةً وحياةً. مِن قولِهم: نشَر الميتُ. كما قال الأعْشَى (١):

حتى يقولَ الناسُ مما رأوْا … يا عَجَبًا للميِّتِ الناشِرِ

ومنه قولُ اللهِ: ﴿وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا﴾ [الفرقان: ٣].

وكان مجاهدٌ يقولُ في تأويلِ ذلك ما حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿النَّهَارَ نُشُورًا﴾. قال: يُنشَرُ فيه (٢).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ مثلَه.

وإنما اخْتَرْنا القولَ الذي اخْتَرْنا في تأويلِ ذلك؛ لأنه عَقِيبُ قولِه: ﴿وَالنَّوْمَ سُبَاتًا﴾ في الليلِ. فإذ كان ذلك كذلك، فوصْفُ النهارِ بأن فيه اليَقَظةَ والنُّشورَ مِن النومِ أشبَهُ، إذ كان النومُ أخا الموتِ.

والذي قاله مجاهدٌ غيرُ بعيدٍ من الصوابِ؛ لأن الله أَخْبَر أَنه جَعَل النهارَ معاشًا، وفيه الانتشارُ للمَعاشِ، ولكنَّ النشورَ مصدرٌ من قولِ القائلِ: نشَر. فهو


(١) ديوانه ص ١٤١.
(٢) تفسير مجاهد ص ٥٠٥، ومن طريقه أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٧٠٤، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٧٣ إلى الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر.