للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فدخَلنا، ثم خرَج مَن وتخلَّفتُ، فقال: "ما لكَ يا أبا هريرةَ، أَلكَ حاجةٌ؟ ". فقلتُ له: يا رسولَ اللهِ، صلَّيتُ معك البارحةَ، ثم انصرَفتُ، وقصصتُ عليه ما قالت المرأةُ، فقال النبيُّ : "ما قُلْتَ لَهَا؟ ". قال: قلتُ لها: لا واللهِ ولا نُعمة (١) العينِ ولا كرامةَ. فقال رسولُ اللهِ : "بِئْسَ مَا قُلْتَ، أَمَا كُنْتَ تَقْرأُ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ الآية ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا﴾؟ " فقال أبو هريرةَ: فخرَجتُ، فلم أترُكْ بالمدينةِ حصنًا ولا دارًا إلا وقفتُ عليها، فقلتُ: إن تكنْ فيكم المرأةُ التي جاءت أبا هريرةَ الليلةَ، فلْتأتِني ولْتُبشِرْ. فلما صلَّيتُ مع النبيِّ العشاءَ، فإذا هي عندَ بابي، فقلتُ: أَبشرِى، فإني دخلتُ على النبيِّ فذكرتُ له ما قلتِ لى، وما قلتُ لك، فقال: "بئسَ ما قلتَ لها، أما كنتَ تقرَأُ هذه الآيةَ؟ ". فقرَأتُها عليها، فخرَّت ساجدةً، فقالت: الحمدُ للهِ الذي جعَل لى (٢) مَخْرجًا وتوبةً مما عمِلتُ، إن هذه الجاريةَ وابنَها حُرّانِ لوجهِ اللهِ، وإني قد تبتُ مما عمِلتُ (٣).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا يحيى بنُ واضحٍ، قال: ثنا جعفرُ بنُ سليمانَ، عن عمرِو بن مالكٍ، عن أبي الجوزاءِ، قال: اختلَفتُ إلى ابن عباسٍ ثلاثَ عشرةَ سنةً، فما شيءٌ من القرآنِ إلا سألتُه عنه، ورسولى يَختِلفُ إلى عائشةَ، فما سمِعتُه ولا


(١) في م: "نعمت".
(٢) سقط من: م.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٧٣٥، والطبراني - كما في تفسير ابن كثير ٦/ ١٣٩ - من طريق إبراهيم بن المنذر به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٧٩ إلى ابن مردويه، وقال ابن كثير: هذا حديثٌ غريب من هذا الوجه، وفى رجاله من لا يعرف.