للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جهنمَ (١).

حدَّثنا القاسمٌ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن هشيمٍ، قال: أخبَرنا زكريا بنُ أبى مريمَ، قال: سمِعتُ أبا أمامةَ الباهليَّ يقولُ: إن ما بينَ شفيرِ جهنمَ إلى قعرِها مسيرةَ سبعين خريفًا، بحجرٍ يهوِى فيها، أو بصخرةٍ تهوى، عُظْمُها كعَشْرِ عَشْراواتٍ سمانٍ. فقال له رجلٌ: فهل تحتَ ذلك مِن شيءٍ؟ قال: نعم؛ غيٌّ وأنامٌ (٢).

قولُه: ﴿يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾. اختلَفتِ القرأةُ في قراءتِه؛ فقرَأته عامةُ قرأةِ الأمصارِ سوى عاصمٍ: ﴿يُضَاعَفْ﴾ جزمًا، ﴿وَيَخْلُدْ﴾ جزمًا. وقرَأه عاصمٌ: (يُضاعَفُ) رفعًا، (ويَخْلُدُ) رفعًا، كلاهما على الابتداءِ، وأنّ الكلامَ عندَه قد تناهَى عندَ ﴿يَلْقَ أَثَامًا﴾، ثم ابتدأ قولَه: (يُضَاعَفُ لهُ العَذابُ) (٣).

والصوابُ مِن القراءةِ عندَنا فيه جزمُ الحرفين كليهما: ﴿يُضَاعَفْ﴾، و ﴿يَخْلُدْ﴾، وذلك أنه تفسيرٌ لـ "الأثامِ" لا فعلٌ له، ولو كان فعلًا له كان الوجهُ فيه الرفعَ، كما قال الشاعرُ (٤):

متى تأتِهِ تَعْشُو إلى ضوءِ نارِهِ … تَجِدْ خيرَ نارٍ عندَها خيرُ مُوقِدِ

فرفَع "تعشو"؛ لأنه فعلٌ لقولِه: تأتِهِ. معناه: متى تأتِهِ عاشيًا.


(١) تفسير عبد الرزاق ٢/ ٧١، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٧٣٠ من طريق سعيد، عن قتادة.
(٢) ينظر ما تقدم في ١٥/ ٥٧١، ٥٧٢.
(٣) قرأ ابن كثير: "يضعَّف"، وقرأ ابن عامر: "يُضَعَّفُ"، "يَخْلُدُ"، وقرأ أبو بكر: "يضاعَفُ"، "يخلُدُ"، وقرأ نافع وحفص وأبو عمرو وحمزة "يضاعَفْ"، "يخلُدْ". ينظر حجة القراءات ص ٥١٤.
(٤) هو الحطيئة، والبيت في ديوانه ص ١٦١.