للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا﴾. قال: لا يفقهون، ولا يَسمَعون، ولا يُبصِرون.

حدَّثني يعقوبُ بنُ إبراهيمَ، قال: ثنا ابن عُليَّةَ، عن ابن عونٍ، قال: قلتُ للشعبيِّ: رأيتُ قومًا قد سجَدوا، ولم أعلَمْ ما سجَدوا منه، أسجُدُ؟ فقال: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا﴾ (١).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا﴾. قال: هذا مثَلٌ ضرَبه اللَّهُ لهم، لم يَدَعُوها إلى غيرِها. وقرَأ قولَ اللَّهِ: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ (٢) الآية [الأنفال: ٢].

فإن قال قائلٌ: وما معنى قولِه: ﴿لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا﴾، أو يَخِرُّ الكافرون صُمًّا وعُمْيانًا إذا ذُكِّروا بآياتِ اللَّهِ، فيُنفَى عن هؤلاءِ ما هو صفةٌ للكفارِ؟

قيل: نعم، الكافرُ إذا تُليت عليه آياتُ اللَّهِ خرَّ عليها أصمَّ وأعمى، وخَرُّه عليها كذلك إقامتُه على الكفرِ، وذلك نظيرُ قولِ العربِ: سببتُ فلانًا فقام يَبكِى. بمعنى: فظلّ يبكى، ولا قيامَ هنالك، ولعله أن يكونَ بكَى قاعدًا، وكما يقالُ: نهَيتُ فلانًا عن كذا، فقعَد يَشتُمُنى. ومعنى ذلك: فجعَل يَشْتُمُنى، وظلّ يَشْتُمُنى. ولا قعودَ هنالك، ولكن ذلك قد جرَى على ألسنِ العربِ، حتى قد فهِموا معناه. وذكَر


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٧٤١ من طريق ابن عون به.
قال ابن كثير في تفسيره ٦/ ٤١: يعنى أنه لا يسجد معهم؛ لأنه لم يتدبر آية السجدة، فلا ينبغى للمؤمن أن يكون إمعة، بل يكون على بصيرة من أمره ويقين واضح بيِّنٍ.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٧٤١ من طريق أصبغ، عن ابن زيد.