للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحسن بن زرقويه عن أبي علي الطوماري، قال: كنت أحمل القنديل في شهر رمضان بين يدي أبي بكر بن مجاهد إلى المسجد لصلاة التراويح، فخرج ليلة من ليالي العشر الأواخر من داره، واجتاز على مسجده فلم يدخله وأنا معه، وسار حتى انتهى إلى آخر سوق العطش فوقف بباب مسجد محمد بن جرير، ومحمد يقرأ سورة الرحمن، فاستمع قراءته طويلًا ثم انصرف، فقلت له: يا أستاذ تركت الناس ينتظرونك وجئت تسمع قراءة هذا؟! فقال: يا أبا علي دع هذا عنك، ما ظننت أن الله تعالى خلق بشرًا يحسن يقرأ هذه القراءة (١).

وذُكِر أن المُكتفى الخليفة قال للحسن بن العباس: أريد أن أوقِف وقفًا، تجتمع أقاويل العلماء على صحَّته، ويسلم من الخلاف. فقيل له: لا يقدر على استحضار هذا إلا محمد بن جرير. وطلب منه ذلك فكتبها، فاستدعاه الخليفة إليه. وقال له: سل حاجتك، قال: لا حاجة لي. فقال: لا بد أن تسألني شيئًا. فقال: أسأل أمير المؤمنين أن يتقدم إلى الشُّرَطِ أن يمنعوا السؤال من دخول المقصورة يوم الجمعة، فتقدم بذلك وعظُم في نفوسهم (٢).

وحكى علي بن عبيد الله بن عبد الغفار اللغوي أن محمد بن جرير مكث أربعين سنة يكتب في كل يوم منها أربعين ورقة (٣).

وقال هارون بن عبد العزيز: قال أبو جعفر: لما دخلتُ مصر لم يبق أحد من أهل العلم إلا لقيني، وامتحنني في العلم الذي يتحقق به، فجاءني يومًا رجل فسألني عن شيء من العروض ولم أكن نشطت له قبل ذلك، فقلت له: عليَّ قولٌ ألا أتكلم


(١) تاريخ بغداد ٢/ ١٦٤.
(٢) طبقات الشافعية ٣/ ١٢٤، والبداية والنهاية ١٤/ ٨٤٨.
(٣) المنتظم ١٣/ ٢١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>