للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت الأَيْكَةُ مِن شجرٍ مُلْتَفٍّ، فلما أرادَ اللهُ أَن يُعَذِّبَهِم بِعَثَ عليهم حرًّا شديدًا، ورفَع لهم العذابَ كأنه سحابةٌ، فلما دَنَتْ منهم خرَجوا إليها رجاءَ بَردِها، فلما كانوا تحتَها مطَرَت عليهم نارًا. قال: فذلك قولُه: ﴿فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ﴾ (١).

حدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثني سعيدُ بنُ زيدٍ أخو حمادِ بنُ زيدٍ، قال: ثنا حاتمُ بنُ أبي صغيرةَ، قال: ثنى يزيدُ الباهليُّ، قال: سألتُ عبدَ اللهِ بنَ عباسٍ عن هذه الآيةِ: ﴿فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾. فقال عبدُ اللهِ بنُ عباسٍ: بعثَ اللهُ عليهم وَمَدَةً (٢) وحَرًّا شديدًا، فَأَخَذ بأَنْفاسِهم، فدخَلوا البيوتَ، فدخَل عليهم أجوافَ البيوتِ، فأخَذ بأنْفاسِهم، فخرَجوا مِن البيوتِ هِرَابًا إلى البرِّيَّةِ، فبعَث اللهُ عليهم سحابةً، فأظَلَّتْهم مِن الشمسِ، فوجَدوا لها بَرْدًا ولَذَّةً، فنادى بعضُهم بعضًا، حتى إذا اجتمَعوا تحتَها، أرسَلها اللهُ عليهم نارًا. قال عبدُ اللهِ بنُ عباسٍ: فذلك عذابُ يومِ الظَّلَّةِ، ﴿إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ (٣).

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثنى الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿يَوْمِ الظُّلَّةِ﴾. قال: إظْلالُ العذابِ إياهم (٤).


(١) أخرجه الحاكم ٢/ ٥٦٩ من طريق ابن وهب به، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٨١٥ من طريق سعيد بن بشير، عن قتادةَ بنحوه، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٩٤ إلى عبد بن حميد.
(٢) الوَمَد والوَمَدَة: ندى يجئ في صميم الحر من قبل البحر مع سكون ريح. وهو ما يعبر عنه اليوم بالرطوبة. ينظر اللسان والمعجم الوسيط (و م د).
(٣) ذكره ابن كثير في تفسيره ٦/ ١٧١ عن المصنف، وأخرجه الحاكم ٢/ ٥٦٨، ٥٦٩ من طريق الحسن بن موسى به، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٨١٥، وابن عساكر في تاريخه ٢٣/ ٧٦، ٧٧ من طريق حاتم بن أبي صغيرة به، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٨١٤، ٢٨١٥ من طريق يزيد بن ضمرة به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٩٣، ٩٤ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٤) تفسير مجاهد ص ٥١٣، ومن طريقه الفريابي - كما في الفتح ٨/ ٤٩٧ - وابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٨١٦، والحاكم ٢/ ٥٦٩، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٩٤ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.