للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد قال لى: أرأيتَ كلَّ اسمٍ يَرْجِعُ إلى "إيل"، فهو مُعَبَّدٌ لله (١).

حدَّثنا ابنُ وكيعٍ، قال: ثنا أبى، عن سفيانَ، عن خُصَيفٍ، عن عِكْرمةَ في قولِه: ﴿جِبْرِيلَ﴾. قال: "جبر" عبدٌ، "إيلُ" اللهُ، و"ميكا" قال: عبدٌ، "إيلُ" الله (٢).

فهذا تأويلُ مَن قرأ: (جَبْرَائيل). بالفتحِ، والهمزِ، والمدِّ، وهو إن شاء اللهُ معنى مَن قرَأ بالكسرِ، وتَرَكَ الهمْزَ.

وأما تأويلُ مَن قرَأ ذلك بالهمزِ وتَرْكِ المدِّ وتشديدِ اللامِ، فإنه قصَد بقراءتِه ذلك كذلك، إلى إضافةِ "جَبْر" و"ميكا" إلى اسمِ اللهِ الذى يُسَمَّى به بلسانِ العربِ، دون السريانىِّ والعِبْرانىِّ، وذلك أن "الإلّ" بلسانِ العربِ: اللهُ، كما قال اللهُ تعالى ذكرُه: ﴿لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً﴾ [التوبة: ١٠]. فقال جماعةٌ مِن أهلِ العلمِ: "الإلُّ" هو اللهُ. ومنه قولُ أبى بكرٍ الصديقِ لوفدِ بنى حَنِيفةَ، حين سأَلهم عما كان مُسَيلِمةُ يقولُه، فأخبروه - فقال لهم: وَيحَكُم! أين ذُهِبَ بكم؟ فواللهِ، إن هذا الكلامَ ما خرَج مِن إلٍّ ولا بِرٍّ (٣). يعنى بقولِه: مِن إِلٍّ: مِن اللهِ.

وقد حدَّثنى يعقوبُ بنُ إبراهيمَ، قال: ثنا ابنُ عُلَيَّةَ، عن سليمانَ التيمىِّ، عن أبى مِجْلزٍ في قولِه: ﴿لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً﴾. قال: قولُه: "جبريلُ"


(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "به".
والأثر أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ١٨٢ (٩٦٦)، وأبو الشيخ في العظمة (٣٨٤) من طريقين عن ابن إسحاق به.
(٢) علقه البخارى في باب قوله: ﴿مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ﴾ من كتاب التفسير. فتح البارى ٨/ ١٦٥، وعلقه أيضا ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ١٨٢ عقب الأثر (٩٦٦)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٩١ إلى وكيع.
(٣) ينظر تاريخ المصنف ٣/ ٣٠٠.