للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعجميٌّ - لو فعَلنا ذلك.

حدَّثنا أبو كُرَيبٍ، قال: ثنا ابن إدريسَ، قال: سمِعتُ داودَ بنَ أبي هندٍ، عن محمدِ بن أبي موسى، قال: كان عبدُ اللهِ بنُ مُطِيعٍ واقفًا بعرفةَ، فقرأ هذه الآيةَ: ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (١٩٨) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ﴾. قال: فقال: جَمَلِى هذا أعجمُ، فلو أُنزِل على هذا ما كانوا به مُؤمنين (١).

ورُوِى عن قتادةَ في ذلك ما حدَّثنا الحسنُ، قال: أخبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا مَعْمَرٌ، عن قتادةَ: ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ﴾. قال: لو أنزَله اللهُ أعْجَمِيًّا، كانوا أخسَّ (٢) الناسِ به؛ لأنهم لا يعرِفون العَجَميَّةَ (٣).

وهذا الذي ذكَرناه عن قتادةَ قولٌ لا وجهَ له؛ لأنه وجَّه الكلامَ إلى أن معناه: ولو نزَّلْناه أَعْجَمِيًّا. وإنما التنزيلُ: ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ﴾. يعنى: ولو نَزَّلْنا هذا القرآنَ العربيَّ على بهيمةٍ مِن العَجَمِ أو بعضِ ما لا يُفْصِحُ. ولم يَقُلْ: ولو نزَّلناه أعجميًّا. فيكونُ تأويلُ الكلامِ ما قالَه.

وقولُه: ﴿فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ﴾. يقولُ: فقرَأ هذا القرآنَ على كفارِ قومِك يا محمدُ، الذين حَتَمْتُ عليهم ألَّا يؤمِنوا - ذلك الأعجمُ: ﴿مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ﴾. يقولُ: لم يكونوا ليؤمِنوا به؛ لِما قد جرَى لهم في سابقِ علمى مِن الشَّقاءِ. وهذا تَسْليةٌ مِن اللهِ نبيَّه محمدًا عن قومِه؛ لئلا يَشْتَدَّ وَجُدُه بإدْبارِهم


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٨٢٠ من طريق داود بن أبي هند به.
(٢) في م: "أخسر".
(٣) في م، ت ١: "بالعجمية".
والأثر في تفسير عبد الرزاق ٢/ ٧٦، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٨٢٠ من طريق سعيد، عن قتادة، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٩٥ إلى عبد بن حميد.