للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا ابن حُمَيدٍ، قال: ثنا جريرٌ، عن مُغِيرةَ، عن عمرِو بن مُرَّةَ الجَمَليِّ، قال: لمَّا نزَلت: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾. قال: أَتَى جَبَلًا فجعَل يَهْتِفُ: "يا صَبَاحاهْ". فأتاه مَن خَفَّ مِن الناسِ، وأرسَل إليه المُتَثاقِلون مِن الناسِ رُسُلًا، فجعَلوا يَجِيئُون يَتَّبِعون الصوتَ، فلما انتهوا إليه قال: "إنَّ منكم مَن جَاءَ ليَنْظُرَ، ومنكم مَن أُرْسِل ليَنْظُرَ مَن الهاتِفُ". فلما اجتَمَعوا وكَثُروا قال: "أَرَأَيْتَكم (١) لو أخبَرْتُكم أن خَيْلًا مُصَبِّحتُكم مِن هذا الجبلِ، أكُنْتُم مُصَدِّقِيَّ؟ ". قالوا: نعم، ما جَرَّبْنا عليك كَذِبًا. فقرَأ عليهم هذه الآياتِ التي أُنْزِلْنَ، وأَنْذَرَهم كما أُمِر، فجَعَل يُنَادِى: "يا قريشُ، يا بني هاشمٍ". حتى قال: "يا بنى عبدِ المُطَّلِبِ، إني نَذِيرٌ لكم بينَ يَدَىْ عذابٍ شديدٍ" (٢).

حدَّثنا ابن حُمَيدٍ، قال: ثنا جريرٌ، عن عمرٍو أنه كان يقرأُ: (وأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ، ورَهْطَكَ المُخْلَصين) (٢).

قال: ثنا سلَمَةُ، قال: ثنى محمدُ بنُ إسحاقَ، عن عبدِ الغفارِ بن القاسمِ، عن المِنْهالِ بن عمرٍو، عن عبدِ اللهِ بنُ الحارثِ بن نوفلِ بن الحارثِ بن عبدِ المطلبِ، عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ، عن عليِّ بن أبي طالبٍ، قال: لمَّا نزلَت هذه الآيةُ على رسولِ اللهِ : ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ دَعاني رسولُ اللهِ ، فقال لي: "يا عليُّ، إِنَّ الله أَمَرَنِى أَنْ أُنْذِرَ عَشِيرتى الأَقْرَبِين". قال: "فَضِقْتُ بذلك ذَرْعًا، وعَرَفْتُ أني متى ما أُنادِهم بهذا الأمرِ أَرَ منهم ما أكرَهُ، فصَمَتُّ حتى جاء جبريلُ، فقال: يا محمدُ، إنك إلَّا تَفْعَلْ ما تُؤْمَرُ به يُعَذِّبْكَ رَبُّكَ. فَاصْنَعْ لنا صاعًا مِن طعامٍ، واجْعَلْ


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "أرأيتم".
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٩٧ إلى المصنف.