للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولِه: ﴿وَلَدَارُ الْآخِرَةِ﴾ [يوسف: ١٠٩]. مما يضافُ إلى نفسِه إذا اختلَف اسماه ولفظاه، تَوَهُّمًا بالثانى أنه غيرُ الأَوَّلِ. قال: ومثلُه: حَبَّةُ الخضراءِ، وليلةُ القَمْراءِ، ويومُ الخميسِ، وما أشبَهَه.

وقال آخرُ منهم: إنْ كان "الشهابُ" هو "القَبَسَ" لم تجزِ الإضافةُ؛ لأنَّ "القَبَسَ" نعتٌ، ولا يُضافُ الاسمُ إلى نعتِه إلا في قليلٍ من الكلامِ، وقد جاء: ﴿وَلَدَارُ الْآخِرَةُ﴾، ﴿وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ﴾ [الأنعام: ٣٢].

والصوابُ من القولِ في ذلك أنَّ "الشهابَ" إذا أُريدَ به أنه غيرُ "القبَسِ"، فالقراءةُ فيه بالإضافةِ؛ لأنَّ معنى الكلامِ حينئذٍ ما بَيَّنَا من أنه شُعْلَةُ قَبَسٍ، كما قال الشاعرُ (١):

في كَفَّهِ صَعْدَةٌ مُثَقَّفَةٌ … فيها سنانٌ كشُعْلَةِ القَبَسِ

وإذا أُريد بالشهابِ أنه هو "القبَسُ"، أو أنه نعتٌ له، فالصوابُ في "الشهابِ" التنوينُ؛ لأنَّ الصحيحَ في كلام العربِ تركُ إضافةِ الاسمِ إلى نعتِه، وإلى نفسِه، بل الإضافاتُ في كلامِها المعروفةُ (٢) إضافةُ الشيءِ إلى غيرِ نفسِه، وغيرِ نعتِه.

وقولُه: ﴿لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ﴾. يقولُ: كي تصطَلوا بها من البردِ.

[كما حدَّثني موسى بنُ هارونَ، قال: حدَّثنا عمرٌو، قال: حدَّثنا أسباطُ، عن السديِّ: ﴿لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ﴾. قال: من البردِ] (٣).

وقولُه: ﴿فَلَمَّا جَاءَهَا﴾. يقولُ: فلما جاء موسى النارَ التي آنسَها، ﴿نُودِيَ أَنْ


(١) هو أبو زبيد الطائى، والبيت في شعره (مجموع) ص ١٠٥.
(٢) في م: "المعروف".
(٣) سقط من: م.
والأثر أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٤٠٠، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٨٤٣، ٢٩٧٣ من طريق عمرو به.