للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان بعضُ نحويِّى الكوفةِ يقولُ: هي الهاءُ المجهولةُ، ومعناها: إنَّ الأمرَ والشأنَ، أنا اللهُ.

وقولُه: ﴿وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ﴾. وفى الكلامِ محذوفٌ تُرِك ذكرُه؛ استغناءً بما ذُكِر عما حُذِف، وهو: فألقاها، فصارت حيةً تهتزُّ، ﴿فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ﴾. يقولُ: كأنها حيةٌ عظيمةٌ. والجانُّ جنسٌ من الحياتِ معروفٌ.

وقال ابن جُرَيْجٍ في ذلك ما حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، قال: قال ابن جُرَيجٍ: ﴿وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ﴾. قال: حينَ تحوَّلت حيةً تسعى (١).

وهذا الجنسُ من الحياتِ عَنى الراجزُ بقولِه (٢):

يَرْفَعْنَ (٣) باللَّيْلِ إِذَا مَا أَسْدَفا (٤)

أعناقَ جِنَّانٍ وَهامًا رُجَّفَا

وَعَنَقًا باقي (٥) الرَّسِيمِ خَيْطَفا

وقولُه: ﴿وَلَّى مُدْبِرًا﴾. يقولُ تعالى ذِكرُه: ولَّى موسى هاربًا خوفًا منها، ﴿وَلَمْ يُعَقِّبْ﴾. يقولُ: ولم يرجِعْ من قولِهم: عَقَّب فلانٌ. إذا رجَع على عقِبهِ إلى حيثُ بدَأ.


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٠٢ إلى المصنف وابن المنذر.
(٢) هو حذيفة بن بدر الخطفى جد جرير بن عطية، والرجز في الحيوان ٦/ ١٧٣، والبيان والتبيين ١/ ٣٦٦، وخزانة الأدب ١/ ٧٥.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "يرفلن".
(٤) في ص: "أسرفا"، وفى ت ١، ف: "أرجفا"، وفي ت ٢: "أشرفا".
(٥) في م: "بعد".