للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (١٠٠)﴾.

اختلَف أهلُ العربيةِ فى حكمِ الواوِ التى فى قولِه: ﴿أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا﴾؛ فقال بعضُ نحويِّى البصريين هى واوٌ تُجعَلُ مع حروفِ الاستفهامِ، وهى مثلُ الفاءِ فى قولِه: ﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ﴾ [البقرة: ٨٧]. قال: وهما زائدتان فى هذا الوجهِ، وهى مثلُ الفاءِ التى فى قولِه: أفاللهِ (١) لتصنَعنَّ كذا وكذا. وكقولِك للرجلِ: أفلا تقومُ؟ قال (٢): وإن شئتَ جعلتَ الواوَ والفاءَ هاهنا حرفَ عطفٍ.

وقال بعضُ نحويِّى الكوفيِّينَ: هى حرفُ عطفٍ أدخِل عليها ألِفُ (٣) الاستفهامِ.

والصوابُ عندى فى ذلك مِن القولِ أنها واوُ عطفٍ أدخِلت عليها ألفُ الاستفهامِ، كأنه قال جلّ ذكرُه: وإذ أخَذْنا ميثاقَكم ورفَعْنا فوقَكم الطورَ، خذوا ما آتيناكم بقوةٍ واسمَعوا، قالوا: سمِعنا وعصَينا و (٤) كلما عاهَدوا عهدًا نبَذه فريقٌ منهم. ثم أدخَل ألفَ الاستفهامِ على "وكلما"، فقال: قالوا: سمِعْنا وعصَينا. أوَكلَّما عاهَدوا عهدًا نبَذه فريقٌ منهم.

وقد بيَّنا فيما مضَى أنه غيرُ جائزٍ أن يكونَ فى كتابِ اللهِ حرفٌ لا معنَى له (٥)، فأغنَى ذلك عن إعادةِ البيانِ على فسادِ قولِ مَن زعَم أن الواوَ والفاءَ مِن قولِه:


(١) فى م، ت ٢: "فالله".
(٢) سقط من: م، ت ٢.
(٣) فى م، ت ٢: "حرف".
(٤) فى م، ت ٢: "أو".
(٥) ينظر ما تقدم فى ١/ ٤٦٦ وما بعدها.