للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والهاءُ التى في قولِه: ﴿نَبَذَهُ﴾ مِن ذكرِ "العهدِ"، فمعناه: أوَ كلما عاهَدوا عهدًا نبَذ ذلك العهدَ فريقٌ منهم!

و"الفريقُ" الجماعةُ، لا واحدَ له مِن لفظِه، بمنزلةِ الجيشِ والرهطِ الذي لا واحدَ له مِن لفظِه.

والهاءُ والميمُ اللتان في قولِه: ﴿فَرِيقٌ مِنْهُمْ﴾. مِن ذكرِ اليهودِ مِن بنى إسرائيلَ.

وأما قولُه: ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾. فإنه يعنى جلَّ ثناؤه: بل أكثرُ هؤلاءِ الذين كلَّما عاهَدوا اللهَ عهدًا (١) ووَاثَقُوه موثقًا، نقَضه فريقٌ منهم لا يؤمنون.

ولذلك وجهان مِن التأويلِ: أحدُهما، أن يكونَ الكلامُ دلالةً على الزيادةِ والتكثيرِ في عددِ المكذِّبين الناقِضين عهدَ اللهِ على عددِ الفريقِ، فيكونَ الكلامُ حينَئذٍ معناه: أوَ كلما عاهَدِتِ اليهودُ مِن بنى إسرائيلَ ربَّها عهدًا نقَض فريقٌ منهم ذلك العهدَ؟ لا، ما ينقُضُ ذلك منهم فريقٌ، ولكن الذي ينقُضُ ذلك فيكفُرُ باللهِ أكثرُهم لا القليلُ منهم. فهذا أحدُ وجهَيْه.

والوجهُ الآخرُ، أن يكونَ معناه: أوَ كلما عاهَدتِ اليهودُ ربَّها عهدًا نبَذ ذلك العهدَ فريقٌ منهم؟ لا، ما ينبِذُ ذلك العهدَ فريقٌ منهم فينقُضُه، على الإيمانِ منهم بأن ذلك غيرُ جائزٍ لهم، ولكنَّ أكثرَهم لا يصدِّقون باللهِ ورسلِه، ولا بوعدِه ووعيدِه.

وقد دلَّلْنا فيما مضَى مِن كتابِنا هذا على معنى الإيمانِ وأنه التصديقُ (٢).


(١) ليست في: الأصل.
(٢) ينظر ما تقدم في ١/ ٢٤١.