للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُصْلِحون، تقاسموا بالله) (١). وليس فيها ﴿قَالُوا﴾. فذلك من قراءته يَدلُّ على وجه النصب في ﴿تَقَاسَمُوا﴾، على ما وصفتُ. والوجه الآخرُ، الجزم (٢). كأنهم قال بعضُهم لبعض: أَقسموا بالله. فعلى هذا الوجه الثاني تَصْلُحُ قراءة (٣): ﴿لَنُبَيِّتَنَّهُ﴾ بالتاء والنونِ؛ لأن القائل لهم: تقاسموا. وإن كان هو الآمر، فهو في من أقسم، كما يقالُ في الكلام انهضوا بنا نَمضِ إلى فلانٍ. وانهضوا تمضُوا (٤) إليه. وعلى الوجه الأول الذي هو وجهُ النصب، القراءة فيه بالنون أفصحُ؛ لأن معناه: قالوا متقاسمين: لَنُبَيِّتنَّه. وقد تجوز الياءُ على هذا الوجه، كما يقالُ في الكلام: قالوا: لنُكرِمَنَّ أباك، ولَيُكرِمُنَّ (٥) أباك. وبالنونِ قرأ ذلك قرأةُ المدينة وعامة قرأةِ البصرة وبعضُ الكوفيِّين. وأما الأغلب على قرأةِ أهل الكوفة، فقراءتُه بالتاءِ وضمِّ التاءين جميعًا. وأما بعضُ المكيِّين فقرأه بالياء (٦).

وأعجبُ القراءاتِ في ذلك إليَّ النونُ؛ لأن ذلك أفصحُ الكلام على (٧) الوجهين اللَّذين بيَّنتُ من النصب والجزم، وإن كان كل ذلك صحيحًا غير فاسدٍ؛ لما وصفتُ، وأكرهُها إليَّ [القراءة بها] (٨) الياءُ؛ لقلة قارئ ذلك كذلك


(١) معاني القرآن للفراء ٢/ ٢٩٦، وهى قراءة شاذة لمخالفتها رسم المصحف.
(٢) في ت ٢: "بجزم".
(٣) في ت ١، ت ٢، ف: "قراءته".
(٤) في م: "نمضى"، وفى ت ١: "فمضوا"، وفى ف: "يمضوا".
(٥) في ص، ت ٢: "لتكرمن".
(٦) قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم بالنون جميعا، وقرأ حمزة والكسائى: (لتبيتنه ثم لتقولن) بالتاء جميعا، وقرأ مجاهد: (ليبيتنه ثم ليقولن). وهذه الأخيرة شاذة. السبعة لابن مجاهد ص ٤٨٣، ومختصر الشواذ لابن خالويه ص ١١١.
(٧) في ت ٢: "في".
(٨) في ت ١: "قراءة".