للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جُرَيجٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ﴾. قال: أزِفَ (١).

حُدِّثْتُ عن الحسينِ، قال: سمِعْتُ أبا معاذٍ يقولُ: أخبَرنا عبيدٌ، قال: سَمِعْتُ الضحاكَ يقولُ في قولِه: ﴿رَدِفَ لَكُمْ﴾: اقْتَرب لكم (٢).

واخْتَلَف أهلُ العربيةِ في وجهِ دخولِ اللامِ في قولِه: ﴿رَدِفَ لَكُمْ﴾. وكلامُ العربِ المعروفُ: ردِفه أمرٌ، وأرْدفه. كما يقالُ: تبِعه وأتْبَعه؛ فقال بعضُ نحويي البصرةِ: أدْخل اللامَ في ذلك، فأضاف بها الفعلَ، كما يقالُ: ﴿لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ﴾ [يوسف: ٤٣]. و ﴿لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ﴾ [الأعراف: ١٥٤].

وقال بعضُ نحويى الكوفةِ (٣): أدْخَل اللامَ في ذلك للمعنى؛ لأن معناه: دنا لهم. كما قال الشاعرُ:

* فقلتُ لها الحاجاتُ يَطْرَحْنَ بالفتى *

فأدْخَل الياءَ في "يَطْرَحْنَ"، وإنما يقالُ: طرَحَتْه؛ لأن معنى الطرحِ الرميُ، فأدْخَل الياءَ للمعنى، إذ كان معني ذلك: يَرْمِين بالفتى.

وهذا القولُ الثاني هو أوْلاهما عندى بالصوابِ، وقد مضَى البيانُ عن نظائرِه في غيرِ موضعٍ مِن الكتابِ، بما أغْنَى عن تِكرارِه في هذا الموضعِ (٤).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٩١٧ من طريق حجاج به.
(٢) ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٩١٧ معلقًا، وينظر تفسير ابن كثير ٦/ ٢١٨.
(٣) هو الفراء في معاني القرآن ٢/ ٢٩٩.
(٤) ينظر ما تقدم في ١٠/ ٤٦٧، ومعاني القرآن ٢/ ٢٩٩، ٣٠٠.