للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَهْلَهَا شِيَعًا﴾. أي: فِرَقًا؛ يُذَبِّحُ طائفةً منهم، ويَسْتَحْيِي طائفةً، ويُعَذِّبُ طائفةً، ويَسْتَعْبِدُ طائفةً، قال الله ﷿: ﴿يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾ (١).

حدَّثني موسى بنُ هارون، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ، قال: كان من شأنِ فرعونَ أنه رأى رؤيا في منامِه، أن نارًا أَقْبَلتْ من بيتِ المقدسِ حتى اشتَمَلتْ على بُيوتِ مصرَ، فأحرَقَتِ القِبْطَ، وتركت بني إسرائيلَ، وأحرَقت بيوتَ مصرَ، فدَعا السحرةَ والكهنةَ والقافَةَ والحازَةَ، فسألهم عن رُؤياه، فقالوا له: يَخْرُجُ من هذا البلدِ الذي جاء بنو إسرائيلَ منه - يَعْنُون بيتَ المقدس - رجلٌ يكونُ على وجْهِه هلاكُ مصرَ. فأَمَر ببنى إسرائيلَ ألَّا يُولَدَ لهم غلامٌ إلا ذبَحوه، ولا تُولَدَ لهم جاريةٌ إلا تُركَت، وقال للقِبْطِ: انظُروا مَمْلُوكِيكم الذين يَعْمَلون خارجًا فأدْخِلوهم، واجْعَلوا بني إسرائيلَ يَلُون تلك الأعمالَ القذرة. فجعَل بني إسرائيلَ في أعمالِ غِلمانِهم، وأدْخَلوا غلمانَهم، فذلك حينَ يقولُ اللهُ: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا﴾. يعنى بنى إسرائيلَ، حينَ جعَلهم في الأعمالِ القذرةِ (٢).

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثنى الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا﴾. قال: فَرَّق بينَهم (٣).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٩٣٩ من طريق سعيد بن بشير عن قتادة، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٢٠ إلى عبد بن حميد.
(٢) جزء من الأثر المتقدم في الصفحة السابقة.
(٣) تفسير مجاهد ص ٥٢٢، ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٩٣٩، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٢٠ إلى الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر.