للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السماءَ لملائكتِه، فقالوا: سبحانَك كنتَ أنتَ (١) أعلمَ. قالْ فأوحَى اللهُ إلى سليمانَ ابنِ داودَ أن يُخيِّرَهما بينَ عذابِ الدنيا وعذابِ الآخرةِ، فاخْتارا عذابَ الدنيا، فكُبِّلا مِن أكعبِهما إلى أعناقِهما بمثلِ أعناقِ البُخْتِ (٢)، وجُعِلا ببابلَ (٣).

حدَّثنى المثنَّى بنُ إبراهيمَ، قال: حدَّثنا الحجاجُ بنُ المنهالِ، قال: حدَّثنا حمادٌ (٤)، عن (٥) عليِّ بنِ زيدٍ، عن أبي عثمانَ النهديِّ، عن ابنِ مسعودٍ وابنِ عباسٍ أنهما قالا: لمّا كثُر بنو آدمَ وعصَوْا، دعَت الملائكةُ عليهم والأرضُ والسماءُ والجبالُ: ربَّنا [ألَا تهلِكُهم] (٦)؟ فأوحَى اللهُ إلى الملائكةِ: إنى لو أنزَلتُ الشهوةَ والشيطانَ مِن قلوبِكم، ولو نزَلتم لفعَلتُم أيضًا قال: فحدَّثوا أنفسَهم أن لو (٧) ابتُلوا اعتصَموا. فأوحَى اللهُ إليهم أن اختاروا ملَكين مِن أفضلِكم. فاختاروا هاروتَ وماروتَ، فأهبِطا إلى الأرضِ، وأنزِلت الزُّهَرةُ إليهما في صورةِ امرأةٍ مِن أهلِ فارسَ، كان أهلُ فارسَ يسمُّونها بِيذُختْ. قال: فوقَعا بالخطيئةِ، وكانت الملائكةُ يستغفِرون للذين آمنوا: ﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا﴾ [غافر: ٧]. فلما وقَعا بالخطيئةِ استغفَروا لمَن في الأرضِ: ﴿أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الشورى: ٥]. فخُيِّرا بينَ عذابِ الدنيا وعذابِ الآخرةِ، فاخْتارا


(١) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) البخت: الإبل الخراسانية. اللسان (ب خ ت).
(٣) عزاه السيوطى في الدر المنثور ١/ ١٠٠ إلى المصنف. وإسناده ضعيف لجهالة أبي شعبة العدوى.
(٤) في م: "حجاج"، وينظر تفسير ابن كثير ١/ ٢٠٠.
(٥) في الأصل: "بن".
(٦) في العقوبات لابن أبي الدنيا: "أهلكهم"، وفي تفسير ابن كثير: "لا تهلكهم"، وفي الدر المنثور: "لا تمهلهم". وكذا في بعض طبعات ابن كثير كما أشار محققوه.
(٧) سقط من: الأصل، ت ١، ت ٢، ت ٣.