للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلَّ مَن في السماوات والأرض من خلقٍ للَّهِ، مطبع في تصرفه فيما أراد تعالى ذِكرُه من حياةٍ وموتٍ، وما أشبه ذلك، [وإن عصاه فيما [يكتسبه بقواه] (١)، وفيما له السبيلُ إلى اختياره، وإيثاره على خلافه.

وإنما قلتُ: ذلك] (٢) أولى بالصواب في تأويل ذلك؛ لأن العصاة من خلقه فيما لهم السبيلُ إلى اكتسابه كثيرٌ عددُهم، وقد أخبر تعالى ذكرُه عن جميعهم أنهم له قانتون، فغير جائزٍ أن يُخبِرَ عمَّن هو عاصٍ، أنه له قانتٌ فيما هو له عاصٍ. وإذا كان ذلك كذلك، فالذى فيه عاصٍ هو ما وصَفتُ، والذى هو له قانتٌ ما بينتُ.

وقولُه: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: والذى له هذه الصفاتُ ، هو الذى يبدأُ الخلقَ مِن غير أصل، فينشتُه ويُوجِدُه، بعد أن لم يكن شيئًا، ثم يُفْنيه بعد ذلك، ثم يعيده؛ كما بدأه بعدَ فنائِه، وهو أهونُ عليه.

اختلَف أهلُ التأويلِ في معنى قولِه: ﴿وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾؛ فقال بعضُهم: معناه: وهو هيِّنٌ عليه.

ذِكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابن وكيع، قال: ثنا يحيى بن سعيد العطارُ، عن سفيانَ، عمَّن ذكره، عن منذرٍ الثوريِّ، عن الربيع بن حُثَيْمٍ (٣): ﴿وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾. قال: ما شيءٌ عليه بعزيز (٤).


(١) في م: "يكسبه بقوله".
(٢) سقط من: ت ٢.
(٣) في م، ت ١: "خيثم". وينظر تهذيب الكمال ٩/ ٧٠.
(٤) ذكره الحافظ في التغليق ٣/ ٤٨٦ عن المصنف، وذكره القرطبي ١٤/ ٢١، ٢٢، وابن كثير ٦/ ٣١٨.