للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللهِ بالمدينة: يا محمدُ أرأَيتَ قولَك (١): ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: ٨٥]. إيَّانا تُريدُ أم قومك؟ فقال رسولُ اللهِ : "كُلًّا". فقالوا: ألستَ تَتْلُو فيما جاءك: أنَّا قد أُوتينا التوراةَ فيها تبيانُ كلِّ شيءٍ؟ فقال رسولُ اللهِ : "إنها في علمِ اللهِ قليلٌ، وعندَكم من ذلك ما يَكْفيكم". فأنزَل اللهُ عليه فيما سأَلوه عنه من ذلك: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ﴾: أي أن التوراةَ في هذا من علمِ الله قليلٌ (٢).

حدَّثنا ابن المثنى، قال: ثنى ابن (٣) عبدِ الأعلى، قال: ثنا داودُ، عن عكرمةَ، قال: سأَل أهلُ الكتابِ رسولَ اللهِ عن الروحِ، فأَنزَلَ اللَّهُ: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: ٨٥]. فقالوا: تَزْعُم أَنَّا لم نُؤْتَ من العلمِ إلا قليلًا، وقد أُوتينا التوراةَ وهى الحكمةُ ﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [البقرة: ٢٦٩]. قال: فنزَلت: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ﴾. قال: "ما أُوتِيتُم من علم فنجَّاكم اللهُ به من النارِ وأدخَلكم الجنةَ، فهو كثيرٌ طيبٌ، وهو في علمِ اللهِ قليلٌ" (٤).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، قال: ثنى محمدُ بنُ إسحاقَ، عن بعضِ أصحابِه، عن عطاءِ بن يسارٍ، قال: لما نزَلتْ بمكةَ: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾: يعنى اليهود؛ فلما هاجر رسولُ اللهِ إلى المدينةِ، أتاه أحبارُ يهودَ،


(١) في م: "قوله".
(٢) ذكره القرطبي في تفسيره ١٤/ ٧٦، وابن كثير في تفسيره ٦/ ٣٥٢ عن ابن إسحاق وسمى الرجل المجهول ابن أبي محمد، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٦٧ إلى ابن أبي حاتم.
(٣) سقط من: ص، ت ١، ت ٢. وهو عبد الأعلى بن عبد الأعلى.
(٤) تقدم تخريجه في ١٥/ ٦٨ حاشية (٢).