للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: ثنى عبيدُ (١) اللهِ بنُ عمرَ (٢)، عن نافعٍ، عن عبدِ اللهِ، قال: أرسلنى خالى عثمانُ بنُ مظعونٍ ليلةَ الخندقِ في بردٍ شديدٍ وريحٍ إلى المدينةِ، فقال: ائتنا بطعام ولحافٍ. قال: فاستأذنتُ رسولَ اللهِ، فَأَذِنَ لى وقال: "من لَقِيتَ مِن أصحابي فمرْهم يَرجِعوا" (٣). قال: فذهبتُ والرِيحُ تَسْفِى كلَّ شيءٍ، فجعلتُ لا أَلقَى أحدًا إلا أمرتُه بالرجوعِ إلى النبيِّ ، قال: فما يَلْوِى أحدٌ منهم عنقَه. قال: وكان معى تُرْسٌ لى، فكانت الريحُ تضربُه عليَّ، وكان فيه حديدٌ. قال: فضرَبتْه الريحُ حتى وقَع بعضُ ذلك الحديدِ على كفِّى، فأنفَذَها إلى الأرضِ (٤).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ: قال: ثنى محمدُ بنُ إسحاقَ، عن يزيدَ بن زيادٍ، عن محمدِ بن كعبٍ القُرَظيِّ، قال: قال فتًى من أهلِ الكوفةِ لحذيفةَ بن اليمانِ: يا أبا عبدِ اللهِ، رأيتم رسولَ اللهِ وصحِبْتُموه؟! قال: نعم يا بنَ أخى. قال: فكيف كنتم تصنعون؟ قال: واللهِ لقد كنا نَجْهَدُ. قال الفتى: واللهِ لو أدركناه ما تركناه يمشى على الأرضِ، لحمَلناه على أعناقِنا. قال حُذَيفةُ: يا بن أخي، واللهِ لقد رأيتُنا مع رسولِ اللهِ بالخندقِ، وصلى رسولُ اللهِ هَوِيًّا (٥) من الليلِ، ثم التفَت إلينا فقال: "مَن رجلٌ يقومُ فينظرُ لنا ما فعَل القومُ - يَشْرِطُ له رسولُ اللهِ أنه يَرجِعُ - أدخَله اللهُ الجنةَ". فما قام أحدٌ، ثم صلى رسول الله هَوِيًّا من الليلِ،


(١) في النسخ: "عبدى"، والمثبت من تفسير ابن كثير ٦/ ٣٨٥ ومصدر التخريج.
(٢) في م: "عمرو".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢: "يراجعوا".
(٤) أخرجه الطبراني (١٣٣٦٩)، وفى الأوسط (٥٢٩٩) من طريق عبيد الله بن عمر به.
(٥) في ص، ت ١: "هدنا"، وفى ت ٢: "هونا". والهَوِيُّ، بالفتح: الحين الطويل من الزمان، وقيل: هو مختص بالليل. النهاية ٥/ ٢٨٥.