للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن خُثَيْمٍ (١).

حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنى أبي، عن الأعمشِ، عن أبي رَزيِنٍ، عن الربيعِ بن خُثيمٍ: ﴿وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾. قال: الأجلُ (٢).

ورُفِع قولُه: ﴿تُمَتَّعُونَ﴾. ولم يُنْصَبْ بـ"إذا"، للواوِ التي معها، وذلك أنه إذا كان قبلَها واوٌ، كان معنى "إذًا" التأخيرَ بعدَ الفعلِ، كأنه قيل: ولو فرُّوا لا يُمَتَّعون إلا قليلًا إذًا، وقد يُنْصَبُ بها أحيانًا، وإن كان معها واوٌ؛ لأن الفعلَ متروكٌ، فكأنها لأولِ الكلامِ.

وقولُه: ﴿قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: قل يا محمدُ لهؤلاء الذين يَسْتَأذِنونك، ويقولون: ﴿إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ﴾. هربًا مِن القتلِ: مَن ذا الذي يَمْنَعُكم مِن اللهِ إن هو أراد بكم سُوءًا في أنفسِكم؛ مِن قتلٍ أو بَلاءٍ أو غيرِ ذلك، أو عافيةٍ وسلامةٍ؟ وهل ما يكونُ بكم في أنفسِكم مِن سُوءٍ أو رحمةٍ، إلا مِن قِبَلِه؟!

كما حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ، قال: ثنى يزيدُ بنُ رُومَانَ: ﴿قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً﴾. أي: أنه ليس الأمرُ إلا ما قضيْتُ (٣).

وقولُه: ﴿وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ولا يَجدُ هؤلاء المنافقون إن أراد اللهُ بهم سوءًا في أنفسِهم وأموالِهم، مِن دونِ اللهِ وليًّا يَلِيهم بالكفايةِ، ولا نَصِيرًا يَنْصُرُهم مِن اللهِ، فيَدْفَعُ عنهم ما أراد اللهُ بهم مِن


(١) تقدم بسنده ومتنه في ١١/ ٦٠٦.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ١٣/ ٣٩٦. من طريق الأعمش به بنحوه، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٨٨. إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٣) سيرة ابن هشام ٢/ ٢٤٦ ولم يذكر فيه تفسير الآية.