للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما قلنا ذلك أولى بالصوابِ؛ لما قد بيَّنا قبلُ مِن أن قولَ الذي قال معنى قوله: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ﴾: لا يحِلُّ لك اليهوديةُ و (١) النصرانيةُ والكافرةُ - قولٌ لا وجهَ له.

فإذ كان ذلك كذلك، فكذلك قولُه: ﴿وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ﴾ كافرةً لا معنَى له؛ إذ كان من المسلمات مِن قد حُرِّم عليه بقوله: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ﴾ بالذي (٢) دللَّنا عليه قبلُ. وأما الذي قاله ابن زيدٍ في ذلك أيضًا، فقولٌ لا معنَى له؛ لأنه لو كان بمعنى المبادلة، لكانت القراءةُ والتنزيلُ: ولا أن تُبادِل بهن مِن أزواج، أو: ولا أن تُبَدِّلَ بهن، بضمِّ التاءِ، ولكنَّ القراءةَ المجمعَ عليها: ﴿وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ﴾ بفتحِ التاءِ، بمعنى: ولا أن تستبدلَ بهن. مع أن الذي ذكرُ ابن زيدٍ مِن فعل الجاهليةِ غيرُ معروفٍ في أمةٍ نعلمه الأممِ، أن يبادِلَ الرجلُ آخرَ [امرأته الحرَّةَ] (٣) بامرأته الحرَّةِ، فيقالَ: كان ذلك مِن فعلهم، فنُهى رسولُ اللهِ عن فعلِ مثلهِ.

فإن قال قائلٌ: أفلم يكنْ الرسول اللهِ أن يتزوَّجَ امرأةً على نسائِه اللواتي كنَّ عندَه، فيكونَ موجهًا تأويلِ قولِه: ﴿وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ﴾ إلى ما تأوَّلتَ؟ أو قال: وأينَ ذكرُ أزواجه اللواتى كنَّ عندَه في هذا الموضعِ، فتكونَ الهاءُ مِن قوله: ﴿وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ﴾ مِن ذكرِهن وتوهَّمَ أن الهاءَ في ذلك عائدةٌ على ﴿النِّسَاءُ﴾ في قولِه: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ﴾؟

قيل: قد كان لرسولِ اللهِ أن يتزوَّجَ مِن شاء مِن النساءِ اللواتي كان اللهُ


(١) في م: "أو".
(٢) في م: "الذي".
(٣) سقط من: م.