للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(علَّامِ الغيبِ) على مثالِ "فَعَّال"، وبالخفضِ ردًّا لإعرابِه على إعرابِ قولِه: ﴿وَرَبِّي﴾. إذ كان مِن نَعْتِه (١).

والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندَنا أن كلَّ هذه القراءاتِ الثلاثِ قراءاتٌ مشهورةٌ في قرأةِ الأمصارِ، مُتقارباتُ المعانى، فبأيَّتِهن قرَأ القارئُ فمصيبٌ، غيرَ أن أعجبَ القراءاتِ إليَّ في ذلك إليَّ أن أقرأَ بها: (علَّامِ الغيبِ) على القراءةِ التي ذكرناها عن عامةِ قرأةِ أهلِ الكوفةِ.

فأما اختياري (علَّامِ الغيبِ (٢)) على ﴿عَالِمِ﴾؛ فلأنها أبلغُ في المدحِ، وأما الخفضُ فيها؛ فلأنها مِن نعتِ الربِّ، وهو في موضعِ الجرِّ، وعَنى بقولِه: (علَّامِ الغَيْبِ): علَّامِ ما يغيبُ عن أبصارِ الخلقِ، فلا يَراه أحدٌ؛ إمَّا مما (٣) لم يُكوِّنْه مما سيكوِّنُه، أو مما (٤) قد كوَّنه، فلم يَطَّلِعْ عليه أحدٌ (٥) غيرُه، وإنما وصَف جلّ وعزّ في هذا الموضعِ نفسَه بعلمِه الغيبَ؛ إعلامًا منه خلقَه أن الساعةَ لا يعلمُ وقتَ مجيئها أحدٌ سِواه، وإن كانت جائيةً، فقال لنبيِّه محمدٍ : قُلْ للذين كفَروا بربِّهم: بلى وربِّي لتأتينَّكم الساعةُ، ولكنه لا يعلمُ وقتَ [[إتيانِها غيرُ علَّامِ] (٦) الغيوبِ، الذي] (٧) لا يعرُبُ عنه مثقالُ ذرَّةٍ.

ويعنى جلَّ ثناؤه بقولِه: ﴿لَا يَعْزُبُ عَنْهُ﴾: لا يغيبُ عنه، ولكنه ظاهرٌ له.

وبنحوِ الذي قلنا في تأويلِ ذلك قال أهلُ التأويلِ.


(١) هي قراءة حمزة والكسائي. المصدر السابق.
(٢) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "ما".
(٤) في م: "ما".
(٥) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "أحدا".
(٦) في م: "مجيئها أحد سوى علام"، وفى ت ٢، ت ٣: "مجيئها أحد سواه".
(٧) في ت ١: "مجيئها أحد سواه".