للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ثنا أبي، قال: سمِعتُ المغيرةَ بنَ حكيمٍ، قال: لما ملَكت بِلْقِيسُ جعَل قومُها يَقْتَتِلون على ماءِ وادِيهم. قال: فجعَلت تَنْهاهم فلا يُطيعونها، فترَكت مُلْكَها، وانطَلَقت إلى قصرٍ لها وترَكتهم، فلما كثرُ الشرُّ بينَهم وندِموا أتَوها، فأرادوها على أن تَرْجِعَ إلى مُلْكِها، فأبَت، فقالوا: لتَرْجِعِنَّ أو لنَقْتُلَنَّك. فقالت: إنكم لا تُطيعونني، وليست لكم عقولٌ (١). قالوا: فإنَّا نُطيعُكِ، وإنَّا لم نَجِدْ فينا خيرًا بعدَكِ. فجاءت فأمَرت بوادِيهم فسُدَّ بالعَرمِ (٢).

قال أحمدُ: قال وهبٌ: قال أبي: فسألتُ المغيرةَ بنَ حَكِيمٍ عن العَرِمِ، فقال: هو بكلامِ حِمْيَرٍ: المُسَنَّاةُ. فسَدَّت ما بينَ الجبلين، فحبَست الماءَ من وراءِ السدِّ، وجعَلت له أبوابًا، بعضُها فوقَ بعضٍ، وبنَت من دونِه بِركةً ضخمةً، فجعَلت فيها اثنى عشَرَ مَخْرَجًا، على عدةِ أنهارِهم، فلما جاء المطرُ احتبَس السيلُ من وراءِ السدِّ. فأمَرت بالبابِ الأعلى ففُتِح، فجرَى ماؤُه في البِرْكةِ، وأمَرت بالبَعْرِ فأُلقى فيها، فجعَل بعضُ البعرِ يخرُجُ أسرعَ مِن بعضٍ، فلم تَزَلْ تُضَيِّقُ تلك الأنهارَ، وتُرْسِلُ البَعْرَ في الماءِ، حتى خرَج جميعًا معًا، فكانت تَقْسِمُه بينَهم على ذلك، حتى كان مِن أمْرِها وأمْرِ سليمانَ ما كان (٣).

حدَّثنا أحمدُ بنُ عمرٍو البصريُّ، قال: ثنا صالحُ (٤) بنُ رُزيقٍ (٥)، قال: أخبَرنا شريكٌ، عن أبي إسحاقَ، عن أبي ميسرةَ في قولِه: ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ﴾.


(١) بعده في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "ولا تطيعوني".
(٢) ذكره البغوي في تفسيره ٦/ ٣٩٤ بنحوه.
(٣) ذكره البغوي في تفسيره ٦/ ٣٩٤ عن وهب بنحوه، وذكره أبو حيان في البحر المحيط ٧/ ٢٧٠ ببعضه.
(٤) في م، ت ١: "أبو صالح".
(٥) في الأصل، م، ت ١، ت ٢: "زريق".