للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان قتادةُ يقولُ في ذلك ما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثني سعيدٌ، قتادةَ: ﴿ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ﴾. قال: بينَما شجرُ القومِ مِن خيرِ الشجرِ، إذ صيَّره اللهُ من شرِّ الشجرِ بأعمالِهم (١).

وقولُه: ﴿ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: هذا الذي فعَلْنا بهؤلاءِ القومِ مِن سبأ؛ من إرسالِنا عليهم سيلَ العرمِ حتى هلَكت أموالُهم، وخرِبت جناتُهم - جزاءٌ منَّا لهم على كفرِهم بنا وتكذيبِهم رسلَنا، ﴿ذَلِكَ﴾ مِن قولِه: ﴿ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ﴾. في موضعِ نصبٍ بوقوعِ جزَيْناهم عليه، ومعنى الكلامِ جزَيْناهم ذلك بما كفَروا.

وقولُه: ﴿وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ﴾. اختلَفت القرأةُ في قراءتِه؛ فقرَأته عامةُ قرَأةِ المدينةِ والبصرةِ وبعضُ أهلِ الكوفةِ: (وَهَلْ يُجازَى) بالياءِ وبفتحِ الزايِ على وجهِ ما لم يُسَمَّ فاعلُه، (إِلَّا الكَفُورُ) رفعًا. وقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ الكوفةِ: ﴿وَهَلْ نُجَازِي﴾ بالنونِ وبكسرِ الزايِ، ﴿إِلَّا الْكَفُورَ﴾ بالنصبِ (٢).

والصوابُ من القولِ في ذلك أنهما قراءتانِ مَشْهُورَتانِ في قرأةِ الأمصارِ، مُتقارِبتا المعنى، فبأيَّتِهما قرَأ القارئُ فمصيبٌ. ومعنى الكلامِ: كذلك كافَأْناهم على كفرِهم باللهِ، وهل يُكافَأُ (٣) إلا الكفورَ لنعمةِ اللهِ.


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٣٣ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) قراءة النون وكسر الزاى، ونصب الكفور له هي قراءة عاصم في رواية حفص وحمزة والكسائي، وقراءة الياء وضمها وفتح الزاى ورفع (الكفورُ) هي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وعاصم في رواية أبى بكر. ينظر السبعة ص ٥٢٨، ٥٢٩، والتيسير ص ١٤٧.
(٣) في م، ت ٢، ت ٣: "يجازي".