للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَقْرَأُ: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا﴾. فقال سعدٌ: إن اللهَ لَمْ يُنْزِلِ القرآنَ على المُسَيَّبِ ولا على ابنِه (١)، إنما هى: (ما نَنْسَخْ مِن آيةٍ أو تَنْسَها) يا محمدُ. ثم قرَأ: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى﴾ ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾ (٢).

حَدَّثَنِي المُثَنَّى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابنُ أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ في قولِه: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا﴾. يقولُ: ﴿نُنْسِهَا﴾: نَرْفَعْها، وكان اللهُ تعالى ذكرُه أنْزَل أمورًا مِن القرآنِ ثم رفَعها (٣).

والوجهُ الآخَرُ منهما، أن يكونَ بمعنى التركِ، مِن قولِ اللهِ جل ثناؤه: ﴿نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ [التوبة: ٦٧]. يعنى به: ترَكوا اللهَ فترَكهم. فيكونُ تأويلُ الآيةِ حينئذٍ على هذا التأويلِ: ما نَنْسَخْ مِن آيةٍ فنُغَيِّرْ حكمَها، [أو نتْرُكْها ولا نُغيِّرْ حُكمَها] (٤) ولا (٥) نُبَدِّلْ فرضَها، نأتِ بخيرٍ مِن التى نسَخْناها أو مثلِها.

وعلى هذا التأويلِ تأوَّل ذلك (٥) جماعةٌ مِن أهلِ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حَدَّثَنِي المُثَنى، قال: حَدَّثَنَا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ، قال: حَدَّثَنِي معاويةُ، عن عليِّ بنِ أبى طلحةَ، عن ابنِ عباسٍ في قولِه: ﴿أَوْ نُنْسِهَا﴾. يقولُ: أو نَتْرُكْها لا نُبَدِّلْها (٦).


(١) في الأصل: "أبيك".
(٢) أخرجه أبو داود في ناسخه -كما في التحفة ٣/ ٣٠٩ - والنسائى في الكبرى (١٠٩٩٦)، وابن أبى داود في المصاحف ص ٩٦، وابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ٢٠٠ (١٠٥٩)، والحاكم ٢/ ٢٤٢ من طريق شعبة به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ١٠٤ إلى ابن المنذر.
(٣) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ٢٠١ عقب الأثر (١٠٦٤) من طريق ابن أبي جعفر به.
(٤) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٥) سقط من: م.
(٦) تقدم أول هذا الأثر في ص ٣٨٩.