للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحارث، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: ﴿عِندَنَا زُلْفَى﴾، قال: قُرْبَى (١).

حدثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: ﴿وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى﴾. لا يُعْتَبَرُ (٢) الناسُ بِكَثْرَةِ المال أو (٣) الولد؛ فإن الكافرَ (٤) يُعْطَى المال، وربما حُبِس عن المؤمن (٥).

وقال جل ثناؤُه: ﴿وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى﴾. ولم يَقُلْ: "باللَّتَيْن". وقد ذكر الأموال والأولاد، وهما نَوْعان مُخْتَلِفَانِ؛ لأنَّه ذُكِر مِن كلِّ نوعٍ منهما جمع يَصْلُحُ فيه "التي"، ولو قال قائل: أُريد (٦) بذلك أحد النَّوْعَيْن. لم يُبْعِدْ في قوله، وكان ذلك كقول الشاعر (٧):

نحن بما عندنا، وأنت بما … عندكَ راضٍ والرَّأْى مُخْتَلِفُ

ولم يَقُلْ: راضيانِ.

وقوله: ﴿إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَلِحًا﴾. اختلف أهل التأويل في معنى ذلك؛ فقال بعضُهم: معنى ذلك: وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تُقَرِّبُكم عندنا زُلفى، إلا من آمن وعمل صالحًا، فإنه تُقَرِّبُهم أموالهم وأولادهم،


(١) تفسير مجاهد ص ٥٥٦، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٣٨ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) في الأصل: "تغضوا"، وفى ت ١: "يغتر"، وفى الدر المنثور: "تعتبروا". والاعتبار: الاستدلال بالشيء على الشيء. واعتبر فلانًا: اعتد به. ينظر اللسان والوسيط (ع ب ر).
(٣) في م، ت ١، ت ٢: "و".
(٤) بعده في م، ت ١، ت ٢: "قد".
(٥) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٣٨ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن أبي حاتم.
(٦) في م: "أراد".
(٧) تقدم في ١١/ ٤٣٥، ٤٣٦.