للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* نَوْشًا به تَقْطَعُ (١) أَجْوازَ الفَلَا *

ويُقالُ للقومِ في الحربِ، إذا دَنا بعضُهم مِن (٢) بعضٍ بالرِّماحِ ولم يَتَلاقَوْا: قد تَناوَشَ القومُ. والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندى أن يُقالَ: إنهما قِراءتان مَعْروفَتان في قرأةِ الأمصارِ، مُتَقارِبَتا المعنى.

وذلك أن معنى ذلك: وقالوا آمنَّا بالله (٣). في حين لا يَنْفَعُهم قِيلُ ذلك. فقال اللهُ: ﴿وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ﴾. وأَنَّى (٤) لهم التوبةُ والرَّجْعَةُ التي (٥) قد بَعُدَتْ [منهم، وصاروا] (٦) منها بموضعٍ (٧) بعيدٍ أن يَتَناوَلوها، وإنما وَصَف (٨) ذلك [المكان بالبُعدِ] (٩)؛ لأنهم قالوا ذلك في القيامةِ، فقال اللهُ: أَنَّى لهم بالتوبةِ المقبولةِ؟ والتوبةُ المقبولةُ إنما كانتْ في الدنيا، وقد ذهَبت الدنيا، فصارتْ بعيدًا مِن الآخرةِ، فبأيةِ القراءتَيْن اللتَيْن ذكرتُ قرَأ القارئُ، فمصيبٌ الصوابَ في ذلك.

وقد يجوزُ أن يكونَ الذين قَرَءُوا ذلك بالهمزِ، هَمَزوا وهم يُريدون مَعْنَى مَن لم يَهْمِزْ، ولكنَّهم هَمَزوه؛ لانْضِمامِ الواوِ، فقَلَبوها، كما قِيل: ﴿وَإِذَا الرُّسُلُ


(١) في الأصل، ت ٢: "يقطع". والمعنى أنها بتناول ماء الحوض وشربها منه، تستعين بذلك على قَطْع الفلوات. والأجواز: جمع جَوْز، وهو الوسط. ينظر لسان العرب (ن و ش).
(٢) في م، ت ١، ت ٢: "إلى".
(٣) في الأصل، ت ٢: "به".
(٤) في م، ت ١، ت ٢: "أي وأين".
(٥) في م، ت ١، ت ٢: "أي".
(٦) في م، ت:٢: "عنهم فصاروا"، وفى ت ١: "عنهم وصاروا".
(٧) في م، ت ١، ت ٢: "كموضع".
(٨) في م: "وصفت".
(٩) في م، ت ١، ت ٢: "الموضع بالبعيد".