للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾. قال (١): الدنيا التي كانوا فيها والحياةِ.

وإنما اخْتَرْنا القولَ الذي اخترْناه في ذلك؛ لأن القومَ إِنما تَمَنَّوْا حِينَ عايَنوا من عذابِ اللهِ ما عايَنوا، ما أخبَر اللهُ عنهم أنهم تَمنَّوه، وقالوا: آمَنّا به. فقال اللهُ جلَّ ثناؤُه: وأَنَّى لهم تَناوُشُ (٢) ذلك من مكانٍ بعيدٍ، وقد كفروا مِن قَبْلِ ذلك في الدنيا. فإذ (٣) كان ذلك كذلك، فلأَنْ يكون قولُه: ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾. خبرًا عن أنه لا سبيل لهم إلى ما تَمَنَّوْهِ، أَوْلَى مِن أن يكونَ خبرًا عن غيرِه.

وقولُه: ﴿كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ﴾. يقولُ: كما (٤) فَعَلْنا بهؤلاء المشركين، فحُلْنا (٥) بينَهم وبينَ ما يَشْتَهون من الإيمانِ باللهِ عندَ نُزولِ سَخَطِ اللهِ بهم، ومُعايَنَتِهم بَأْسَهُ (٦)، فَعَلْنا بأشياعِهم على كفرِهم باللهِ مِن قَبْلِهم، من كفارِ الأُمَمِ، فلم يُقْبَلْ (٧) منهم إيمانُهم في ذلك الوقتِ، كما لم يُقْبَلْ (٧) في مثلِ ذلك الوقتِ مِن ضُرَبائهم. والأشْياعُ: جمعُ شِيَعٍ، وشِيَعٌ: جمعُ شِيعَةٍ، فأشياعٌ جمعُ الجمعِ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.


(١) بعده في م: "في".
(٢) في الأصل، ت ٢: "التناوش".
(٣) في الأصل، م: "فإذا".
(٤) سقط من: م، ت ١، ت ٢.
(٥) في الأصل: "وحلنا".
(٦) بعده في م: "كما".
(٧) في م، ت ١: "نقبل".