للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ﴾ الآية: خَلْقًا فُضِّل بعضُه (١) على بعض؛ فأما المؤمنُ فعبدٌ (٢) حيُّ الأثَرِ، حيُّ البصرِ، حيُّ النيةِ، حيُّ العمل (٣)، وأما الكافرُ فعبدٌ ميتٌ؛ ميتُ البصرِ: ميتُ القلبِ، ميتُ العملِ (٤).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (١٩) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (٢٠) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (٢١) وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ﴾. قال: هذا مَثَلٌ ضرَبه اللهُ؛ فالمؤمنُ بصيرٌ في دينِ اللهِ، والكافرُ أعمى، كما لا يَسْتوى الظلُّ ولا (٥) الحرورُ، ولا الأحياءُ ولا الأمواتُ، فكذلك لا يَسْتوى هذا المؤمنُ الذي يُبْصِرُ دينه، ولا هذا الأعمى. وقرَأ: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ﴾ [الأنعام:١٢٢]. قال: الهُدى الذي هداه اللهُ به، ونوَّره (٦) له، هذا مَثَلٌ ضرَبه اللهُ لهذا المؤمنِ الذي يُبْصِرُ دينَه، وهذا الكافرِ الأعمى (٧)، فجعَل المؤمنَ حَيًّا، وجعَل الكافرَ ميتًا؛ ميتَ القلبِ، ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ﴾ [الأنعام: ١٢٢]. قال: هَديناه إلى الإسلامِ، ﴿كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ﴾. أعمى القلبِ، وهو في الظلماتِ، [أهذا وهذا سواءٌ] (٨)؟!

واختلَف أهلُ العربيةِ في وجهِ دخولِ "لا" مع حروفِ (٩) العطفِ في قولِه:


(١) في الأصل: "بعضها".
(٢) بعده في م، ت ١: "حي".
(٣) في الأصل: "العقل".
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٢٩٦ (٧٣٢٣، ٧٣٢٥) من طريق يزيد به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٤٨، ٢٤٩ إلى المصنف وعبد بن حميد، وتقدم تخريجه ٩/ ٢٥٧.
(٥) ليس في الأصل.
(٦) في م، ت ١: "نور".
(٧) ليس في الأصل، وفي ت ١: "أعمى".
(٨) في الأصل: "أهدى وهذا سواه".
(٩) في م، ت ١: "حرف".