للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محمدٌ يُنْذِرُهم عقابَ اللهِ على كفرِهم.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ﴾. وهو محمدٌ (١).

وقولُه: ﴿مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا﴾. يقولُ: ما زادهم مَجئُ النذيرِ مِن الإيمانِ باللهِ واتِّباعِ الحقِّ وسلوكِ هدى الطريقِ، إلا نفورًا وهربًا.

وقولُه: ﴿اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ﴾. يقولُ: نفَروا استكبارًا في الأرضِ [وأنفَةً أن يُقرُّوا بنبوَّةِ محمدٍ ويَدْعوا باتِّباعِه، ﴿وَمَكْرَ السَّيِّئِ﴾. يقولُ: فعَلوا ذلك استكبارًا في الأرضِ (٢)، وخُدْعةً سيئةً، وذلك أنهم صدُّوا الضعفاءَ عن اتِّباعِه، مع كفرِهم به. والمكرُ هاهنا هو الشركُ.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَمَكْرَ السَّيِّئِ﴾: وهو الشركُ (١).

وأُضِيف المكرُ إلى السيئَ، والسيئُ مِن نعتِ المكرِ، كما قيل: ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ﴾ [الواقعة: ٩٥]. وقيل: إن ذلك في قراءةِ عبدِ اللَّهِ: (وَمَكْرًا سَيِّئًا) (٣). وفى ذلك تحقيقُ القولِ الذي قلْناه من أن السيئَ في المعنى مِن نعتِ المكرِ.

وقرَأ ذلك قرأةُ الأمصارِ غيرَ الأعمشِ وحمزةَ [بهمزِ السيئِ وخفضِه. وقرَأه الأعمشُ وحمزةُ بهمزِه (٤) وتسكينِ الهمزةِ، اعْتِلالًا منهما بأن الحركاتِ لما كثُرَت


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٥٦ إلى المصنف وعبد بن حميد.
(٢) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) وهى قراءة شاذة. ينظر البحر المحيط ٧/ ٣٢٠.
(٤) في م: "بهمزة محركة بالخفض. وقرأ ذلك الأعمش وحمزة بهمزة". وفي ت ١، ت ٢، ت ٣: "بهمز".