للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عندَ بابٍ من أبوابِ المدينةِ قاصيًا، وكان مؤمنًا ذا صدَقةٍ، يجمَعُ كسبَه إذا أَمْسَى، فيما يذكرون، فيقسِمُه نصفين، فيُطعِمُ نصفًا عيالَه، ويتصدَّقُ بنصفٍ، فلم يُهِمَّه سقمُه ولا عملُه ولا ضعفُه عن عملِ ربِّه، قال: فلما أَجْمَع قومُه على قتلِ الرسلِ، بلَغ ذلك حبيبًا وهو على بابِ المدينةِ الأقصى، فجاء يسعى إليهم يذكِّرُهم باللهِ، ويدعوهم إلى اتباعِ المرسلين، فقال: ﴿يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ (١).

حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سلَمةُ، عن ابن إسحاقَ، عن عبدِ اللهِ بن عبد الرحمنِ بن معمرِ (٢) بن حزمٍ، أنه حدَّث عن كعبِ الأحبارِ، قال: ذُكِر له حبيبُ بن زيدِ بن عاصمٍ، أخو بنى مازنِ بن النجَّارِ، الذي كان مُسَيْلِمةُ الكذَّابُ قطَّعه باليمامةِ حين جعَل يسألُه عن رسولِ اللهِ ، فجعَل يقولُ: أتَشهدُ أن محمدًا رسولُ اللهِ؟ فيقولُ: نعم. ثم يقولُ: أتشهدُ أني رسولُ اللهِ؟ فيقولُ له: لا أسمعُ. فيقولُ مسيلِمةُ: أتسمَعُ هذا، ولا تسمَعُ هذا؟ فيقولُ: نعم. فجعَل يقطِّعُه عضوًا عضوًا، كلَّما سأَله لم يزدْه على ذلك حتى مات في يديه. قال كعبٌ حينَ قيل له: اسمُه حبيبٌ: وكان واللهِ صاحبُ (يس) اسمُه حبيبٌ (٣).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلَمةُ، عن ابن إسحاقَ، عن الحسنِ بن عُمارةَ، عن الحكمِ بن عُتيبةَ، عن مِقْسمٍ أبي القاسمِ، مولى عبدِ اللهِ بن الحارثِ بن نوفلِ، عن مجاهدٍ، عن عبدِ اللَّهِ بن عباسٍ، أنه كان يقولُ: كان اسمُ صاحبِ "يس" حبيبًا، وكان الجُذامُ قد أَسْرَع فيه (٤).


(١) تقدم تخريجه ص ٤١٣، ٤١٤.
(٢) بعده في الأصل، م: "بن عمرو"، وبعده في ت:١: "عن عمرو". والمثبت من تفسير ابن كثير. وينظر تهذيب الكمال ١٥/ ٢١٧.
(٣) ذكره ابن كثير في تفسيره ٦/ ٥٥٨ عن ابن إسحاق به، كما ذكره الحافظ في الفتح ٦/ ٤٦٧ عن عبد الله بن عبد الرحمن أبى طوالة به.
(٤) أخرجه المصنف في تاريخه ٢/ ٢١.