للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسي، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا﴾. قال: الكافرون يقولونه (١).

ويعنى بقوله: ﴿مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا﴾: مَن أيقَظَنَا مِن مَنامِنَا. وهو من قولِهم: بَعَث فلانٌ ناقتَه فانبعَثَت. إذا أثارَها فثارَت. وقد ذُكر أن ذلك في قراءةِ ابنِ مسعودٍ: (مَن أَهَبَّنا (٢) مِن مَرْقَدِنَا هَذَا).

وفى قولِه ﴿هَذَا﴾ وجهان؛ أحدُهما، أن تكونَ إشارةً إلى ﴿مَا﴾، ويكون ذلك كلامًا مبتدأً بعد تَناهى الخبرِ الأوَّلِ بقولِه: ﴿مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا﴾، فتكونَ ﴿مَا﴾ حينَئذٍ مرفوعةً بـ ﴿هَذَا﴾، ويكونَ معنى الكلام: هذا وعدُ الرحمن، وصدَق المرسلون. والوجهُ الآخرُ: أن تكونَ مِن صفةِ "المَرْقَدِ"، وتكونَ خفضًا، ردًّا على "المرقدِ"، وعندَها (٣) تمامُ الخبرِ عن الأوَّلِ، فيكونَ معنى الكلام: مَن بعَثنا مِن مَرْقَدِنا هذا. ثم يَبْتَدِئُ الكلامَ فيقالُ: ما وعَد الرحمنُ. بمعنى: بَعْثُكم وعدُ الرحمنِ. فتكونَ ﴿مَا﴾ حينَئذٍ رفعًا على هذا المعنى.

وقد اختَلف أهلُ التأويل فى الذى يقولُ حينئذٍ: ﴿هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ﴾؛ فقال بعضُهم: يقولُ ذلك أهلُ الإيمان بالله.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن


(١) تفسير مجاهد ص ٥٦٠.
(٢) بياض فى الأصل، والقراءة في تفسير الثوري ص ٢٥٠.
(٣) في م: "عند".