للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والبصرةِ وبعضُ الكوفيِّين: (نَنْكُسْهُ) بفتح النون الأولى وتَسْكين الثانية (١). وقرأته عامَّةُ قرأة الكوفة: ﴿نُنَكِّسْهُ﴾ بضمِّ النون الأولى وفتح الثانية وتشديد الكافِ (٢).

والصوابُ من القولِ فى ذلك أنهما قراءتان مشهورتان في قرأةِ الأمصارِ، فبأيَّتِهما قرأ القارئُ فمصيبٌ، غير أن التي عليها عامةُ قرأة الكوفيِّين أعجبُ إليَّ؛ لأن التنكيس من الله فى الخلقِ إنما هو حالٌ بعد حالٍ، وشيءٌ بعد شيءٍ، فذلك [تأكيدُ التشديد] (٣).

وكذلك اختلَفوا فى قراءة قوله: ﴿أَفَلَا يَعْقِلُونَ﴾؛ فقرأته قرأةُ (٤) المدينةِ: (أَفَلا تَعْقِلُونَ) بالتاء على وَجْهِ الخطابِ (٥). وقرأته قرأةُ الكوفة بالياء على الخبرِ (٦)، وقراءةُ ذلك بالياء أشبهُ بظاهر التنزيلِ؛ لأنه احتجاجٌ من الله على المشركين الذين قال لهم (٧): ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ﴾ فإخراجُ ذلك خبرًا على نحو ما خُرِّج قولُه: ﴿لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ﴾ أعجبُ إلىَّ، وإن كان الآخر غير مدفوعٍ.

ويعنى تعالى ذكرُه بقوله: ﴿أَفَلَا يَعْقِلُونَ﴾: أفلا يعقلُ هؤلاء المشركون قُدْرةَ الله على ما يشاءُ بمُعاينتِهم ما يُعايِنون من تَصْريفِ خلقِه فيما شاء وأحبَّ، من


(١) وهى قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر والكسائي. السبعة لابن مجاهد ص ٥٤٣.
(٢) وهى قراءة عاصم وحمزة. إتحاف فضلاء البشر ص ٢٢٥.
(٣) في م، ت ١: "تأييد للتشديد".
(٤) بعده في الأصل: "عامة".
(٥) وهى قراءة نافع. السبعة لابن مجاهد ص ٥٤٣.
(٦) وهى قراءة ابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي. المصدر السابق.
(٧) سقط من: م، ت ١.